بدأ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، محسوبون على حزب الإصلاح الإخواني، حملة تهديد وتحذير من عقد اجتماع الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي (مجلس الشورى) في محافظة شبوة مثلما هو مقرر في نهاية يونيو الجاري، في خطوة ترى أوساط سياسية يمنية أنها يمكن أن تحمل رسائل متناقضة؛ فإما أن يكون الهدف مجرد إرباك الاجتماع وإما أن يتعدى الأمر ذلك إلى توتر أمني يقود إلى فوضى ومواجهات تمثل تكرارا لأحداث 2019.
ويمكن أن يكون التهديد بإفشال الاجتماع أو استهداف رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، إنْ أشرف عليه، مندرجا في سياق الإزعاج الروتيني حتى لا يشعر الانتقالي بأن نفوذه في المحافظات الجنوبية دائم وتذكيرا بأن الأطراف الأخرى المناوئة له لا تريد التسليم له بذلك، على أن يقف الأمر عند مجرد الحملات الكلامية والبيانات المجهولة.
لكن الخطر يكمن في تنفيذ التهديد باستهداف الاجتماع أو تنفيذ عمليات بهدف إحياء مناخ الفوضى في المحافظات الجنوبية وخاصة في شبوة ذات الأهمية الإستراتيجية، والأرضية ملائمة لذلك خاصة أن تفاهمات اتفاق الرياض لم تغلق أبواب التوتر ولم ترسم حدود تحرك مختلف الأطراف.
نشطاء جنوبيون يطالبون رئيس المجلس الانتقالي بحضور الاجتماع لأن غيابه سيخلّف انطباعا سلبيا يخدم خصوم الجنوب
وتسعى جهات داخل الشرعية للتحايل على اتفاق الرياض والتحرك بشكل ممنهج لمنع المجلس الانتقالي من الحفاظ على مكاسبه التي تم تثبيتها بالاتفاق، ودفعه إلى رد الفعل وإظهاره في صورة من لا يلتزم بتعهداته، وفق خطة أشمل لإضعافه وضرب فكرة استفادته من الشراكة مرحليا من خلال تحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية والارتقاء بالخدمات وخلق مناخ ملائم لاستقدام المؤسسات المالية والاستثمارية المحلية والأجنبية إلى محافظات الجنوب، وهي الأرضية التي يبحث عنها لتأمين انفصال سلس وناجح في مرحلة لاحقة.
وفيما يعمل المجلس الانتقالي على تحمّل الانتقادات الموجهة إليه من الجنوبيين أنفسهم بشأن الاستمرار في الشراكة مع الشرعية، تعمل أطراف أخرى على جر المجلس إلى معارك جانبية تنهي التزامه باتفاق الرياض وتضعه في مواجهة مع السعودية بدلا من التقارب الحالي الذي يخدم المرحلة الانتقالية للمجلس والأطراف الشمالية المنضوية تحت مظلة اتفاق الرياض.
وشنت ماكينة حزب الإصلاح حملة تشويه على مساعي استصلاح ميناء عدن وجر بعض الجنوبيين إلى معارضة عملية الاستصلاح والتطوير، والهدف هو منع امتلاك الجنوب لعناصر قوة توفر نواة الاستقلال، مثل استعادة نشاط الميناء والمطار وحقول النفط والغاز والطرقات وبناء علاقات خارجية براغماتية تتجاوز ردود الفعل غير المحسوبة.
ولا تستبعد الأوساط اليمنية السابقة أن يوفر اجتماع شبوة للأطراف المناوئة لبراغماتية الانتقالي واستفادته من هذه المرحلة الانتقالية فرصة لإعادة المحافظة إلى مربع الفوضى بافتعال اشتباكات أمنية أو استهداف مواقع للنخبة الشبوانية أو أحد القياديين الجنوبيين من أي درجة.
وتحذر الأوساط ذاتها من أن جماعة الإخوان في اليمن مازالت تتّبع التكتيك القديم نفسه القائم على الاختباء خلف مؤسسات الشرعية في مواجهاتها السياسية والعسكرية وتصدير شخصيات جنوبية لمواجهة المجلس الانتقالي، والعمل وفق إستراتيجية طويلة النفس لتضييق الخناق على المجلس والتأليب عليه، إضافة إلى خلق بؤر توتر في مناطق سيطرته.
وتشير إلى أن المجلس تمكّن من تحجيم نشاط الإخوان فعليا في محافظات معينة مثل عدن والضالع ولحج وجزء من أبين، لكن تلك المناطق لا تزال تشهد نشاطا خفيا لهذه الجماعة التي تدير خلايا نائمة وتعمل على تأجيج الاحتجاجات الشعبية تحت عناوين خدمية ومطلبية أحيانا ومناطقية وقبلية أحيانا أخرى.
وبقطع النظر عن جدية التهديدات والأطراف التي تقف وراءها، فإن المجلس الانتقالي سيبذل كل ما في وسعه لإنجاح اجتماعه في شبوة ومنع أي انفلات أمني سواء في محيط الاجتماع أو في الطريق إليه، وذلك لقطع الطريق على محاولات التأزيم التي تتشارك فيها أجندات محلية وخارجية.
وطالب نشطاء جنوبيون رئيس المجلس الانتقالي بحضور الاجتماع وتحدي التهديدات لأن غيابه سيخلّف انطباعا سلبيا يصب في خدمة من يستهدفون قضية الجنوب.
الخطر يكمن في تنفيذ التهديد باستهداف الاجتماع أو تنفيذ عمليات بهدف إحياء مناخ الفوضى في المحافظات الجنوبية وخاصة في شبوة ذات الأهمية الإستراتيجية
ويستفيد المجلس الانتقالي من العمق الشعبي في الجنوب لتدعيم وجوده وإحباط الخطط التي تستهدفه وإنجاح اجتماع الجمعية الوطنية.
ورحب حلف أبناء قبائل شبوة، برئاسة الشيخ فارس الخبيلي، بانعقاد الاجتماع الجنوبي في محافظة شبوة، مؤكدا على “أهمية تضافر الجهود بين جميع قبائل وأبناء شبوة والمكونات الاجتماعية لضمان نجاح هذا الحدث وإبراز صورة مشرفة لشبوة وأبنائها”.
وشدد البيان على أهمية هذا الاجتماع ودوره في تعزيز وحدة الصف الجنوبي والجهود المبذولة لتحقيق تطلعات أبناء الجنوب نحو استعادة دولتهم الجنوبية على حدود 1990.
وأشار حلف أبناء قبائل شبوة إلى أن انعقاد الاجتماع في شبوة يعد فرصة لتعزيز التلاحم والتعاون بين مختلف مكونات المجتمع الجنوبي، مشددًا على ضرورة الاستفادة منها لتبادل الأفكار والرؤى التي تسهم في تحقيق الأهداف الجنوبية المشتركة.
وأضاف البيان أن الاجتماع يمثل “خطوة مهمة نحو تعزيز الحوار والمشاركة الفعالة في صنع القرار الجنوبي”، وتوقع أن “يسفر الاجتماع عن نتائج مثمرة تصب في مصلحة أبناء الجنوب”.
وأعرب حلف أبناء قبائل شبوة عن ثقته بقدرة أبناء المحافظة على تقديم نموذج حضاري يحتذى به خلال هذا الاجتماع، عبر الالتزام بالقيم والأخلاق الحميدة التي تميز أبناء شبوة، والعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق الأهداف المرجوة.