ذهب خبراء اقتصاديون إلى أن إلغاء تراخيص بنوك في يهدف إلى عزل القطاع المصرفي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثيين.
وألغى البنك المركزي اليمني، تراخيص ستة بنوك ومصارف محلية، بسبب عدم امتثالها لقرار نقل مراكزها الرئيسة من صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، إلى العاصمة المؤقتة ، رغم تهديدات الحوثيين بتفجير الوضع العسكري في البلاد.
وتنصّ وثيقة قرار البنك المركزي اليمني، على إلغاء التراخيص المصرفية لكل من "بنك التضامن، بنك اليمن والكويت، بنك اليمن والبحرين الشامل، بنك الأمل للتمويل الأصغر، بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي وبنك اليمن الدولي"، بعد سلسلة من الإجراءات الأخرى.
وبحسب مواد القرار، استثنيت فروع البنوك العاملة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، من إلغاء التراخيص حتى إشعار آخر، في حين تشير المادة الثالثة إلى اتخاذ البنوك "الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار، مع مراعاة استيفاء حقوق المودعين لديها".
ورغم صدور القرار الاثنين الماضي، فإنه لم ينشر حتى اللحظة في القنوات الرسمية التابعة للبنك المركزي أو الحكومة، باستثناء الإشارة المحدودة التي عُرضت على تلفزيون "الفضائية اليمنية" الرسمية، أمس الأربعاء.
وعزا المحلل الاقتصادي ماجد الداعري، عدم نشر القرار الذي وصفه بـ"القوي والجريء" بشكل رسمي، إلى أسباب ومخاوف وضغوط كبيرة يتعرض لها البنك المركزي ومحافظه وقيادته خلال الأشهر الأخيرة.
ويعتقد خبراء اقتصاديون، أن الإجراء العقابي للبنوك المخالفة، يأتي في سياق جهود "المركزي" اليمني المتواصلة لتعزيز سيطرته المالية على القطاع المصرفي المنقسم، والحفاظ على أدنى المعايير المصرفية، وإزالة المخاطر التي يفرضها "الحوثيون" على اقتصاد البلد، وتداعيات تصنيفهم كـ"جماعة إرهابية" على التعاملات الخارجية.
إجراءات متدرجة
ويرى المحلل الاقتصادي، محمد الجماعي، أن إجراءات المركزي اليمني "متدرجة، وليست ذات أثر مباشر، ولها أثر مرحلي، وأن القرار الأخير مقدمة لإجراءات أخرى قادمة أشدّ إيلامًا، مثل سحب السويفت، أو الإعلان عن قائمة سوداء بالمخالفين وتعميمها على البنوك المراسلة".
وقال، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن ميليشيا الحوثيين أجبرت كثيرًا من المؤسسات المالية على عدم الامتثال ونقل عمليات مراكزها الرئيسة إلى عدن، أو ربط أنظمة معلوماتها وبياناتها مع الجهات الرسمية الحكومية فيها".
وأضاف أن ميليشيا الحوثي "لم تحسب حسابها للخطوة المتأخرة التي قام بها المركزي اليمني أخيرًا ضمن صلاحياته، ولذلك نرى أن ردودها متخبطة وانفعالية واستعراضية أمام سكان المحافظات الخاضعة لسيطرتها بالقوة الغاشمة".
وأشار الجماعي، إلى أن "الحوثيين" لن يدركوا نتائج إصرارهم على رفض انتقال البنوك، "إلا حين تنفجر الأوضاع في وجههم، وعندما تفقد البنوك والمصارف قدرتها على التعامل الخارجي، لا سيما إذا ما أضفنا إلى ذلك الوضع الصفري لخزائنها، التي تقابلها ميليشيا الحوثي بمنظومة جبايات".
وأعرب عن أمله في اتخاذ البنوك خطوة شجاعة، "لتجنيب اليمن ويلات هذه الحرب الاقتصادية المكشوفة، التي سيكون وقعها أشدّ كارثية إذا ما استمرت في رفضها وامتناعها عن الامتثال لقرار المركزي اليمني، الذي يعمل حاليًّا لتدارك ما بقي من ثقة محلية ودولية في القطاع المصرفي اليمني".
قرار محوري
ومن جانبه، يعتقد رئيس مركز "الدراسات والإعلام الاقتصادي" مصطفى نصر، أن القرار "خطير ومحوري، وسيعمل على عزل القطاع المصرفي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثيين".
وقال نصر، إن السماح باستمرار عمل فروع البنوك الستة المستهدفة بالقرار، في مناطق الحكومة الشرعية، "يعطيها فرصة نجاة جزئية من الانهيار الكامل، والاستمرار في تقديم التزاماتها للمواطنين".
وتوقع نصر صدور إجراءات أخرى، تستهدف شبكة التحويلات المالية غير المرخصة في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثيين، التي قال إنها "تعتمد عليها في التمويل أكثر من اعتمادها على البنوك".
انعكاسات متوقعة
وبدوره، يشير المحلل الاقتصادي ماجد الداعري، إلى انعكاسات سلبية متوقعة على القطاع المصرفي اليمني برمته، "خاصة أن البنوك المستهدفة، تمثّل ما يقارب 70 إلى 80% من إجمالي رأس المال الاقتصادي الوطني، وبالتالي فإن حجم ودائعها التي تمتلكها يصل إلى 80% من حجم ودائع القطاع المصرفي بشكل كامل".
وقال في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن التأثيرات السلبية ستشمل تدفق المواد الغذائية من خلال الاعتمادات المستندية، إذا ما أبلغت البنوك الدولية المراسلة، عبر سويفت البنك المركزي اليمني بالإجراءات الأخيرة، إذ ستوقف البنوك المراسلة تعاملها مع البنوك المحلية المعاقبة".
وأشار الداعري، إلى انعكاسات أخرى متعلقة باستقرار سعر صرف العملة المحلية، سواء في مناطق ميليشيا الحوثيين أو مناطق سيطرة الحكومة، بحكم الثقل الكبير للبنوك المعاقبة في الواقع المصرفي.
وأردف الداعري أن هذه القرارات اضطرارية، وتعقب انتهاء المهلة المحددة وأساليب الترغيب والترهيب مع هذه البنوك، "وتأتي في إطار إصلاحات اقتصادية ضرورية، لا بد منها، من أجل سيطرة البنك المركزي على القطاع المصرفي وإدارته".