وجهت حكومة اليمن رسالة احتجاج للمؤسسة الأممية انتقدت فيها تدابير المنظمة تجاه موظفيها، وأكدت أن "سياسة استرضاء الحوثي غير مقبولة".
وعرضت الرسالة المطولة والموجهة من رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وقدمتها أيضا لمجلس الأمن، تطورات الموقف لمرور أكثر من شهر على اختطاف مليشيات الحوثي عشرات العاملين في المنظمات الأممية والدولية وتعريض حياتهم للخطر ورفضها لأي وساطات محلية وإقليمية للإفراج عنهم وشجعها عدم اتخاذ الأمم المتحدة أي تدابير لإنقاذهم.
وأكدت الرسالة التي طالعت "العين الإخبارية" نسخة منها، أن الحوثي لم يصعد الأعمال العدائية واختطف عشرات النساء والرجال من العاملين في المنظمات الأممية والدولية والمحلية وإنما "شن حملة إعلامية مضللة ضخمة استخدمت فيها مختطفين سابقين أجبروا على الاعتراف بتهم الخيانة والجاسوسية، في محاولة لإلحاق أكبر أذى ممكن وهز ثقة المجتمع بالمنظمات الأممية والدولية والعاملين فيها".
كما عمد الحوثيون لإحكام سيطرتهم على المساعدات المقدمة للمناطق اليمنية تحت سيطرتهم واستهدفوا كل العاملين بمجال المتابعة والتقييم من شركات وأفراد، وأصدروا في يونيو/حزيران 2024 حكما بالإعدام بحق 44 شخصا بينهم عدنان الحرازي مدير شركة برودجي المعنية بمتابعة وتقييم البرامج الأممية وصادرت كل أملاكه وذلك بعد أشهر من الإخفاء والمحاكمات غير قانونية.
وانتقدت الحكومة اليمنية التدابير المتخذة من قبل المكاتب الأممية في اليمن لحماية العاملين فيها وإنقاذ حياتهم وقالت إنه "لم يكن بالمستوى المقبول ولا المتوقع حتى اللحظة، ولا يرقى لمستوى الخطر الذي يتهدد حياتهم وحريتهم إثر اعتقالات الحوثي الجائرة".
وفيما أعربت الحكومة اليمنية عن أسفها لهذه التدابير القاصرة، أكدت أن "سياسة استرضاء مليشيات الحوثي بحجة الإبقاء على الأنشطة الإنسانية للمنظمات العاملة في مناطق سيطرتها لم يعد مقبولاً ولم تثمر إلا مزيداً من الصلف والابتزاز للمجتمع اليمني والدولي".
كما "تؤكد كل الدلائل أن المستفيد الوحيد من سياسة الترضية هي المليشيات الحوثية ومشروعها العنصري، وأن مكاسب المواطنين اليمنيين من هذه السياسة تتناقص باطراد مقابل ما تجنيه المليشيات".
وقدمت الحكومة وصفة بالتدابير "الضرورية" للأمم المتحدة للاضطلاع بدورها الإنساني في حماية العاملين اليمنيين فيها وبذل كل ما هو ممكن لإطلاق سراح المختطفين، ابتداء من "الإنذار بتعليق أعمال المنظمات في مناطق سيطرة المليشيات، والتدرج في ذلك في حالة عدم استجابة المليشيات بالتعليق الكلي أو شبه الكلي".
وشملت التدابير أيضا ضرورة "تعليق سفر منسق الشؤون الإنسانية وممثلي المنظمات الأممية والموظفين الرئيسيين إلى صنعاء"، و"العمل على بدء نقل وظائف المنظمات الإدارية والفنية الرئيسية للعاصمة المؤقتة عدن لتخفيف ضغط المليشيات على المنظمات الأممية".
كما شملت ضرورة "اتخاذ الإجراءات الفنية والإدارية اللازمة لحماية قواعد البيانات والمراسلات الخاصة بالمنظمات الأممية"، و"حماية العاملين المحليين وعدم تمكين المليشيات من الوصول لهذه البيانات واستخدامها وتحريفها للإضرار بالموظفين والمستفيدين وتبرير اختطافهم"، طبقا للرسالة الحكومية.
وشددت الحكومة اليمنية على أهمية "تنفيذ تقييم عاجل ومحايد للأنشطة الإنسانية والتنموية التي تنفذها المنظمات الأممية بمناطق سيطرة المليشيات للتأكد أولا من "سلامة هذه المشاريع وتحقيقها لأهدافها، خاصة مع عدم قدرة المنظمات على تنفيذ المتابعة والتقييم إثر وقف الحوثيين لكل الجهات العاملة في هذا المجال".
وثانيا التأكد من "مدى تأثير الممارسات الحوثية على مستقبل هذه المشاريع وعدالتها وعدم تحولها لأدوات بيد المليشيات لدعم مجهودها الحربي وزيادة نسبة التجنيد وخاصة من الأطفال واليافعين"، وثالثا "سلامة العاملين وحمايتهم وضمان تحقيق مبادئ العدالة في التوظيف، بسبب فرض المليشيات أتباعها بالقوة للعمل لدى المنظمات الدولية"، وفق ما أوردته الرسالة.
وفي الأخير، أكدت الحكومة اليمنية التزامها بحماية مواطنيها وحصولهم على الدعم في شقيه الإغاثي والتنموي في كل البلاد، وتعهدت ببذل كل الجهد لإيقاف عبث المليشيات وتدخلاتها السافرة في عمل المنظمات وتجييرها للدعم الإنساني لخدمة مصالحها، بما في ذلك تعريض حياة العاملين في المجال الإنساني للخطر.
كما عبرت عن تطلعها لبحث مضامين هذه الرسالة للمضي في إجراءات ملموسة وعاجلة للضغط على المليشيات لإطلاق سراح المختطفين ومنع تعرضهم للمخاطر والتي وصلت لحد الموت إثر التعذيب كما حدث لموظف منظمة إنقاذ الطفولة الدولية هشام الحكيمي، فضلا عن العمل المشترك لتحسين ظروف العمل التنموي والإنساني في اليمن.
وفي 6 يونيو/ حزيران الماضي كشفت مصادر عاملة في منظمات دولية وأممية بصنعاء لـ"العين الإخبارية" أن "جهاز الأمن والمخابرات"، للحوثيين أطلق حملة غير مسبوقة وداهم منازل ومقار منظمات واعتقل ما لا يقل عن 13 موظفا أمميا وعددا من عاملي المجال الإنساني.
ولاحقا، أكدت إحصائيات رسمية وحقوقية أن حملة اعتقالات مليشيات الحوثي التي استمرت لأيام بحق عاملي المنظمات الأممية والدولية والمحلية والبعثات الدبلوماسية طالت أكثر من 5 موظفات و65 موظفا بما في ذلك اعتقال زوج موظفة كانت حامل في شهرها الأخير كرهينة حتى تضع مولودها.