قال تحليل لمعهد الشرق الأوسط إن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية تشير إلى إمكانية قيام روسيا بتزويد الحوثيين بصواريخ متطوّرة مضادة للسفن.
وأفاد التحليل، الذي شارك فيه جيرالد فيرستان (السفير الأمريكي السابق لدى اليمن)، إن مثل هذه الخطوة لن تؤدي إلى تكثيف الصراع بالوكالة بين القوى الكبرى فحسب، بل ستزيد أيضا بشكل كبير من التهديدات البحرية، التي يشكلها الحوثيون في البحر الأحمر، بما في ذلك على الأصول البحرية للولايات المتحدة والتحالف. وبالتالي، فإن اليمن يخاطر بأن يصبح ساحة معركة لصراعات جيوسياسية أوسع، بما يترتب عليه من عواقب وخيمة على السكان المدنيين.
وتابع التحليل أنه من شبه المؤكد أن الهجوم الحوثي على تل أبيب قد تم تسهيله من خلال التكنولوجيا الإيرانية والدعم الإستراتيجي، وربما ينذر بتحوّل ملحوظ في إستراتيجية طهران العملياتية، مما قد يجذب جهات فاعلة إقليمية إضافية، ويوسّع نطاق الصراع.
وأضاف التحليل أن تصرفات الحوثيين من منظور إستراتيجي ليست متهورة فحسب، بل تهدف إلى إثارة رد إسرائيلي قوي، وبالتالي تدويل الصراع، لاسيما أن الحوثيين مازالوا يرون أن عملياتهم العسكرية تحصل على دعم من السكان اليمنيين المؤيدين للفلسطينيين، فضلا عن كسب التعاطف والدعم من الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، والقوى العالمية المستاءة من سياسات إسرائيل.
وأوضح التحليل أن تورّط إيران وإمكانية المساعدة العسكرية الروسية تشير إلى هدف جيوسياسي أوسع، وإلى الاستفادة من الحوثيين كوكيل لتحدّي النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.
إن تطوير الحوثيين طائرات مسيّرة متطوّرة مثل "صماد-3" و"يافا"، بدعم إيراني كبير، يؤكد أن قدراتهم قد تعززت.
إن ميل الحوثيين إلى العمل بحريَّة وعدوانية مع القليل من الشعور بالعواقب يدل على التحدّيات الكامنة في التعامل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية، التي تعمل بعقلية محصلتها صفرية، إذ يبدو أن هدفهم النهائي هو السيطرة الكاملة على اليمن، أو تدميره بشكل كامل.
وتوقّع التحليل أنه من غير المرجّح أن تردع الهجمات الإسرائيلية وحدها الحوثيين؛ لأن قدراتهم المتنامية تشير إلى المرونة والقدرة على التكيّف مع الضغوط العسكرية. كما تعكس مقامرتهم المحسوبة فهمهم للمشهد الجيوسياسي وديناميكيات التدخّل الدولي.
وقال التحليل إن احتمال قيام روسيا بتسليح الحوثيين بصواريخ متطوّرة مضادة للسفن يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد الجيوسياسي، مما يزيد من خطر نشوب صراع أوسع ويعرِّض للخطر ليس فقط التجارة الدولية ولكن الأصول البحرية للولايات المتحدة والتحالف العاملة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وأضاف أن الحوثيين يعولون على إدراكهم أن عملياتهم، سواء ضد الأهداف البحرية أو تلك التي تستهدف إسرائيل، يصعب ردعها أو هزيمتها. إنهم يقيمون تحالفات مع الجهات الفاعلة ذات التفكير المماثل، مثل إيران وروسيا، وبالتالي يكتسبون الاعتراف والقوة التي يتوقون إليها، والتي يعتقدون أنها ستترجم إلى انتصار محلي.
وقال إنه، بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، تشكل إستراتيجية الحوثيين معضلة لها. منذ أكتوبر 2023، حاولت إدارة بايدن تحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة: حماية الممر البحري الآمن، ومنع توسع الصراع في غزة، والحفاظ على الخيارات الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن.
وأوصى بأن التطوّرات الأخيرة، التي تنطوي على النفوذ الروسي والاهتمام بتسليح وكلاء إيران، تتطلب إعادة تقييم إستراتيجية منقّحة من قِبل الولايات المتحدة وحلفائها. ومن المرجّح أن يستلزم ذلك زيادة الوجود العسكري في المنطقة.
كما توقّع التحليل أن يكون اليمن معرضا لخطر التحول إلى بيدق مأساوي في هذه المواجهة الجيوسياسية الأوسع، بما يجلب تداعيات مدمِّرة على سكانه المدنيين.
وأضاف أن الولايات المتحدة وحلفاءها وإسرائيل تفتقر حاليا إلى إستراتيجية متماسكة لمعالجة تهديد الحوثيين بشكل فعّال. ويتحتّم على هذه البلدان أن تضع نهجا واضحا وموحّدا على وجه السّرعة، لضمان استجابة قوية ومنسّقة.
وأشار إلى أن إستراتيجية التصعيد، التي ينتهجها الحوثيون، لديها القدرة على الإخلال بتوازن القوى الهش في الشرق الأوسط، وتؤكد قدرة الجهات الفاعلة الأصغر على التأثير على النتائج الجيوسياسية الأكبر من خلال المخاطر والتحالفات المحسوبة.
واستنتج التحليل أن مناورات الحوثيين تكشف عن فهم ذكي للديناميات الإقليمية، مستغلين بذلك الانقسامات داخل نهج المجتمع الدولي تجاه الاستقرار في الشرق الأوسط. ولا تنطوي الحسابات الإستراتيجية الآن على ردود عسكرية فحسب، بل تشمل أيضا جهودا دبلوماسية شاملة للتخفيف من التداعيات الأوسع لهذا التصعيد.
ترجمة-بلقيس