تأكّد وقوف المملكة العربية السعودية وراء تراجع الشرعية اليمنية عن إجراءات كانت اتخذتها في إطار صراعها الاقتصادي والمالي ضد جماعة الحوثي، وذلك من خلال ترحيب المملكة بخطوات التهدئة التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ وأثارت غضب قوى من داخل معسكر الشرعية، بينما ذهب مراقبون حدّ الحديث عن ضغوط سلطتها الرياض على الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لإجبارها على التراجع عن الإجراءات المذكورة.
ورحّبت السعودية، الأربعاء، بإعلان الأمم المتحدة التوصل لاتفاق بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية، مشيرة إلى ضرورة التوصل إلى “حل سياسي شامل”.
وأصبح الحل المذكور ذا أولوية قصوى لدى المملكة الراغبة في التخلّص من عبء الصراع اليمني والتفرّغ لإنجاز مشروعها التنموي الطموح الذي يتطلّب حالة من الهدوء والاستقرار في الإقليم ماتزال بعيدة المنال إلى حدّ الآن.
ويشهد اليمن أفقر دول شبه الجزيرة العربية، نزاعا داميا منذ 2014 بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين. وتصاعد النزاع مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 لوقف تقدّم الحوثيين بعد سيطرتهم على صنعاء.
ندوة الدوسري: الرياض تسعى لتوقيع خارطة الطريق قبل الانتخابات الأميركية
وأبلغ الطرفان المتحاربان في اليمن غروندبرغ الثلاثاء أنهما اتفقا “على عدة تدابير لخفض التصعيد””، بحسب بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي الذي شكر السعودية على “الدور الهام” في التوسط في الاتفاق.
واستبعدت العديد من الدوائر السياسية أن تكون الشرعية اليمنية قد أقدمت على الخطوة التصالحية عن طيب خاطر، خصوصا وأن المحتوى المعلن عنه للاتفاق يصب بالكامل في مصلحة جماعة الحوثي ولا يلبي أي مطلب للشرعية وخصوصا شرطها المطروح سابقا بكف يد الجماعة عن عرقلة تصدير النفط الذي كان يشكّل المورد الرئيسي للحكومة المعترف بها دوليا.
واعتبرت تلك الدوائر أنّ الاتفاق يصنّف ضمن سلسلة أطول من التنازلات للحوثيين قدمتها السعودية أو دفعت الشرعية لتقديمها في سبيل جلبهم لطاولة الحوار والتفاهم، ومن ذلك قبول الرياض بمحاورتهم مباشرة وإيفاد ممثلين لها إلى صنعاء واستقبال ممثلين للجماعة في عاصمة المملكة، وأيضا تقديم امتيازات مالية واقتصادية لهم من خلال خارطة الطريق التي أعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق عن التوصل إليها بمباركة من السعودية.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية واس بيانا لوزارة الخارجية أعربت فيه عن “ترحيب المملكة بالبيان الصادر عن مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لليمن هانس غروندبرغ بشأن اتفاق الحكومة اليمنية وأنصار الله الحوثيين على إجراءات لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية”.
وأكّدت المملكة دعمها لجهود المبعوث الأممي “الرامية إلى تحقيق السلام والأمن لليمن وشعبه الشقيق”.
وأعربت عن “تطلعها إلى أن يُسهم هذا الاتفاق في “التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية في إطار خارطة الطريق لدعم مسار السلام في اليمن”.
وبعد سنوات من النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى وتسبب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة، توصلت الأطراف المتحاربة في أبريل 2022 إلى هدنة مدتها ستة أشهر. ورغم انتهائها ظلت مستويات العنف منخفضة إلى حد كبير، بفضل سياسة ضبط النفس التي مارستها السعودية وأحجمت بموجبها عن الردّ على تهديدات الحوثيين لها وتحرشاتها بأراضيها.
وقالت ندوة الدوسري الباحثة في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن إنّ السعودية ضغطت كثيرا من أجل التوصل لاتفاق. وكتبت على منصة إكس أنّ “القرار اتخذ نتيجة للضغوط السعودية على مجلس القيادة الرئاسي”. وأضافت “يسعى السعوديون بشكل عاجل إلى توقيع اتفاق خريطة الطريق بين الحوثيين ومجلس القيادة الرئاسي قبل الانتخابات الأميركية 2024”.