أعاد اتفاق التهدئة الاقتصادية بين السلطة الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي والذي تمّ التوصّل إليه بدفع من المملكة العربية السعودية وبجهود أممية وضع النفط اليمني في قلب الصراع بين العديد من الجهات اليمنية الطامحة للحصول على حصّة من عوائده، وذلك على الرغم من عدم تحقيق أي خطوات عملية واضحة باتجاه إعادة تصدير الخام المتوقّف منذ نحو سنتين بسبب تهديد الحوثيين لمَنفذي التصدير، ميناء الضبة في حضرموت والنشيمة في شبوة.
وخسرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بتوقف تصدير الخام أهم مورد لها الأمر الذي انعكس بوضوح شديد على وضعها المالي وقدرتها على إدارة الشأن العام في مناطق سيطرتها التي بات سكانها يواجهون أوضاعا اجتماعية صعبة وتراجعا ثابتا في مستوى الخدمات العامّة المقدّمة لهم.
وانخفض إنتاج اليمن من النفط قياسا بما كان عليه مستوى الإنتاج قبل الحرب التي انطلقت مع غزو الحوثيين لصنعاء قبل نحو عشر سنوات، ومع ذلك حافظ البلد على معدل إنتاج يومي يقدر بحوالي ستين ألف برميل من النفط، قبل أن يتهاوى الرقم بعد توقف التصدير في أكتوبر 2014.
وقدّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الخسائر الناتجة عن توقف تصدير النفط بما نسبته سبعون في المئة من الموارد العامة للسلطة الشرعية.
وأعطى الاتفاق المذكور أملا في استعادة السلطة لموردها المالي الرئيسي الكفيل بالحدّ من مشاكلها الاقتصادية والمالية التي يلخصها تهاوي قيمة عملة الريال المحلّية لتتجاوز سقف 1900 ريال مقابل كل دولار أميركي واحد.
ونُسب لمصادر في حكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك قولها إنّ استعدادات جارية لاستئناف تصدير النفط الخام خلال أمد منظور.
ووضعت المصادر الزيارة التي قام بها العليمي مؤخّرا إلى محافظة حضرموت بشرق اليمن ضمن إجراءات التحضير لاستئناف التصدير.
لكن الزيارة انتهت دون تسجيل أي تقدم باتجاه ذلك، بينما أوقدت غضبا في المحافظة ومطالبة بتمكين حضرموت من نصيب من موارد تصدير الخام وتهديدات قبلية بوقف أي تصدير قد يحدث مستقبلا في حال لم تتم الاستجابة لتلك المطالب.
وعلى الطرف المقابل جدّد الحوثيون تمسكّهم بالحصول على نصيب مجز من موارد تصدير النفط يكفي لتغطية التكلفة المالية لموظفي السلطة الموازية التي يديرونها في مناطق سيطرتهم.
وعلى هذه الخلفية نفت الجماعة وجود أي اتفاق مع الجانب الحكومي لاستئناف تصدير النفط مؤكدة أن الملف مرهون بتسليم رواتب الموظفين.
وقال مصدر مسؤول في اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للجماعة إنّ “ما يروج بشأن وجود اتفاق يسمح لهم (للحكومة المعترف بها دوليا) بمعاودة تصدير النفط.. لا أساس له من الصحة”، مضيفا أنّ قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة مهدي المشاط بخصوص “منع نهب الثروة النفطية الوطنية كان ولا يزال ساريا”.
وتابع قوله “مسألة عودة تصدير النفط مرتبطة بشكل قاطع بصرف مرتبات موظفي الدولة، ومعاشات المتقاعدين”.
ومع التشدّد الحوثي بشأن ملف إعادة التصدير دخلت مطالبة المحافظات والقبائل بأنصبة من العوائد المالية كعامل تعقيد إضافي للملف.
وتزعمت تلك المطالب قبائل محافظتي حضرموت وشبوة النفطيتين واللتين تحويان منفذي التصدير الرئيسيين.
وتجاوزت قبائل حضرموت مجرّد المطالبة السلمية بحصة من عوائد النفط إلى التهديد باستخدام قوّة السلاح حيث تجمّع مسلحون قبليون في هضبة حضرموت والخشعة وهدّدوا بالسيطرة على المعدات والمنشآت ذات الصلة باستخراج الخام ونقله وتصديره.
وقام بتأطير هذا التحرك القبلي حلف قبائل حضرموت بقيادة عمرو بن حبريش والذي أعطى الحكومة اليمنية مهلة زمنية للاستجابة لمطالب القبائل، قبل أن يتم اللجوء إلى “وضع اليد على الأرض والثروة” بحسب ما ورد في بيان للحلف.
كما حذّر الحلف في بيانه من “الإقدام على أي تصرف بنفط حضرموت أو تصديره أو تسويقه إلا بعد تثبيت مكانة المحافظة وضمان حقوقها بما يرتضيه أهلها”، معتبرا “المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء الضبة والمسيلة حقا من حقوق حضرموت ولا تنازل عنه على أن تُسخّر كامل قيمته لشراء طاقة كهربائية للمحافظة”.
وفي خطوة مماثلة لخطوة قبائل حضرموت أعلن حلف أبناء وقبائل شبوة رفض أي اتفاقات حول ثروات المحافظة النفطية دون أن تكون لها حصة عادلة فيها وعلى أساس الندية. وأصدر الحلف الذي يرأسه الوجيه القبلي علي بن دوشل النسي بيانا قال فيه “إنّ أي مفاوضات أو حلول تتجاوز حقوق شبوة وأبناءها في التمثيل العادل والمستقل وفي حصص المحافظة العادلة من ثرواتها وفي الشراكة في صناعة السلام العادل الذي يلبي تطلعات الجميع لن تحقق الحلول المستدامة والسلام العادل”.
وشدّد الحلف على “الرفض المطلق بأن تكون شبوة وثرواتها لقمة سائغة لأي مفاوضات جارية أو تسويات لا تكون للمحافظة حصتها العادلة فيها التي تتناسب مع ما تدعم به الخزينة العامة للدولة من ثرواتها”.