في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة السياسية الجنوبية في اليمن حالة لافتة للنظر تتمثل في توجه العديد من القيادات الجنوبية إلى مصر، وجعلها كأنها موطنهم الثاني. هذا الاتجاه أصبح مصدر استياء وتساؤل لدى الشعب الجنوبي الذي يعيش في ظروف معيشية صعبة، حيث يتجرع الشعب الأمرين من حرب مستمرة، تدهور في الخدمات الأساسية، غلاء معيشي، وانهيار اقتصادي كبير.
يجب الإشارة إلى أن مصر، بالنسبة لهذه القيادات، تمثل مكانًا آمنًا ومستقرًا بعيدًا عن ضغوط الحرب والنزاعات التي تعيشها المناطق الجنوبية. ولكن السؤال الذي يطرحه الشعب: كيف يمكن لهذه القيادات أن تغادر بلدها وتعيش حياة مرفهة بينما يعاني أهلهم وشعبهم من أزمات خانقة؟ هذا السؤال يفتح الباب على قضايا أكبر تتعلق بأخلاقيات القيادة وواجباتها تجاه الشعب الذي انتخبها أو دعمها.
هناك تساؤلات مشروعة حول مصادر الأموال التي تُستخدم في هذه التنقلات والرحلات المستمرة إلى مصر وغيرها. في الوقت الذي يتساءل فيه المواطن العادي عن كيفية توفير لقمة العيش اليومية، تظهر هذه القيادات وهي تعيش حياة البذخ في الخارج. البعض يتهم هذه القيادات باستخدام موارد الدولة أو الاعتماد على دعم خارجي غير شفاف لتغطية نفقات حياتهم في الخارج، مما يزيد من شعور الشعب بالظلم والإحباط.
هذا الانفصال بين القيادات وشعبها يظهر ضعف الارتباط بين السياسيين والواقع الذي يعيشه المواطن الجنوبي. فبدلًا من أن تكون القيادات في الميدان، تسعى لحل مشكلات الناس، وتحسين الخدمات، نجدهم بعيدين في دول أخرى، وكأنهم غير معنيين بما يحدث. هذا التصرف يزيد من الفجوة بين القيادة والشعب، ويضعف الثقة التي من المفترض أن تكون أساسًا لعلاقة قائمة على المصلحة العامة.
في الأخير، يطالب الشعب الجنوبي اليوم بقياداته أن تكون جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة. يجب على هذه القيادات أن تعود إلى أرض الوطن، وتتحمل مسؤولياتها، وتقدم حلولًا واقعية للمشاكل التي تواجه الشعب. فالقيادة الحقيقية لا تعني التهرب من الأزمات، بل الوقوف في وجهها والعمل على تخفيف معاناة الناس، وليس العيش برفاهية على حساب الشعب الذي يعاني في كل جانب من جوانب حياته.