الفقيد التربوي فضل محمد عثمان القعقوع رحل في زمن عصيب لم يقدر جهوده رغم تاريخه المشرق في التعليم في مدرسة الشعلة منذ أن توظف فيها شابًا نهاية السبعينات حتى مات أثر مرض عضال ظل يعاني منه ولم يلفت إليه ممن تتلمذوا على يديه وصاروا في أعلى مراتب وأعلى مناصب في الدولة ..
إن الموت وان كان حقيقة حتمية إلا أن الأقدار عندما تأخذ القامات التعليمية والتربوية من دون وداع ولا اهتمام يصيح رحيلهم أليمًا والحزن عليهم عميقًا.
إذن من هو الأستاذ التربوي فضل محمد عثمان القعقوع ؟.
هو فضل محمد عثمان القعقوع الذي ولد في تاريخ 1/1/1959م في منطقة القعاقيع الواقعة بين منطقة غرابة ومنطقة الذنبة التابعة لمديرية حبيل جبر محافظة لحج.
- نشأ في ظل أسرة كريمة يعيلها الشيخ والحاج محمد عثمان صالح القعقوع وتربى في كنفه بعد أن تعلم من والده المعلامة والقرآن الكريم .والشهامة والكرم والتواضع وحب الخير .
. - درس مرحلته الإعدادية في مدرسة مجحز من الصف الاول الى الصف الخامس وهي إحدى المدارس القديمة التابعة لمركز حبيل الريدة سابقا ومديرية حالمين حاليًّا.
- واصل دراسته الاساسية في مدرسة الشعلة في منطقة الذنبة من الصف السادس الى الصف الثامن ومدرسة الشعلة من المدارس القديمة التي كانت تابعة لمركز حبيل جبر سابقا ومديرية حبيل جبر حاليا
- التحق بدار المعلمين في عاصمة المحافظة الثانية لحج في عامي 1977/1978م
- عندما تخرج من دار المعلمين التحق بالخدمة العسكرية ((العند)) لمدة سنتين كخدمة إلزامية.
- توظف معلم صف في مدرسة الشعلة وبعد فترة عين نائب مدير مدرسة الشعلة وكان مدير مدرسة الشعلة آنذاك الأستاذ التربوي احمد علي نصر الحوشبي.
- استمر في عطائه العلمي والتعليمي في مدرسة الشعلة بعد أن تطورت إلى مدرستين للتعليم الأساسي واخرى للتعليم الثانوي إلى أن جاء موعد التقاعد وظل يزور مدرسته حتى وافته المنية .
حتى وأنا أصغي على ذكريات تاريخه التربوي وعطاءه العلمي تنتابني رجفة صوت الذكريات لمسيرته التعليمية الطويلة وصموده الثابت ومبادئه التي لا تلين في نشر العلم والمعرفة في منطقة الذنبة وهي المنطقة التي صارت تلاميذها ذكورا واناثا في السلك التربوي وبعضهم في مراتب عليا في ظائف الدولة .
أكيد كان رحيل الأستاذ فضل محمد عثمان صالح القعقوع خسارة على الكل نظير ما قدم في مسيرته التعليمية المشرقة لكن رأيته وهو يصارع المرض مشهد حزين لدرجة لا يصدق؛ ، لأن مشهد الموت يشبه مشهد احتضار الممثل العنيف في فيلم ” الدم المغدور بكثير من التَّماهي والغوص في التفاصيل والقسوة على الذات ، تكون نتيجته سريعة و فجأة، بلا تمرين ولا إعادات ، ولم تعد ..
الفقيد الراحل الأستاذ فضل محمد عثمان الذي رحل بلا وداع، وهو ذلك المعلم الذي ظل يعمل باحترافية عالية وطموح شامخ إلى الحضور الاجتماعي والتعليمي والقيادي التربوي، ضف إلى ذلك صبره وقوة إرادته التي رفعت من شأنه إلى أن يحقق غاياته من الأرض إلى السماء ومن الواقع إلى الحلم ومع ذلك توقع أنه يعيش حتى يرى قضية شعبه قد تحققت أهدافها واستعادة الدولة الجنوبية المنشودة .
وحين نفتش عن خصاله الكبيرة نجده بأنه رجل ذو عزيمة جدا، لا تشبه شخصيته إلا شخصية القادة من التربويين الكبار، وهو الشخص الذي تجده مرحًا يوزع باقات الفرح على محياه، لطيب أصله، لا يشبهه إلا الرجال الاخيار الذين ظهروا في زمن القلة بصفات من الصدق والوفاء .
الأستاذ فضل محمد عثمان القعقوع المتصف بصفات الرجولة والشجاعة وهما صفتان عظيمتان، وهي من الصفاتِ التي تكمل بعضها في النهاية، فالشجاع يمتلك الرجولة الكافية؛ لكي يتحدى الصعاب، ويكون صاحب قلب قوي لا يخاف شيئاً، كانت العرب قديمًا ولا زالوا يفتخرون بهذه الصفات؛ لأنّها تعبر عن قيمة الرجل أمام الناس، فبالمواقف الصعبة يعرف الرجل، وهنا في هذه السردية أقول: إن الاستاذ فضل محمد عثمان جمع عبارات الشجاعة والرجولة؛ في بوتقة واحدة إلى جانب االمعرفة والتدريس والقيادة التربوية والنضال الصلب .
الاستاذ فضل محمد عثمان القعقوع القدوة الحسنة التي تقتضي إلا إلى الأقتداء به لما يمتاز بالأخلاق الفاضلة والعلم والفكر والدين، فعندما رحل انطفأت شمعة كانت تضيء مدرسة الشعلة في منطقة الذنبة مديرية حبيل جبر محافظة لحج.
فلا نرثى اليوم رجلًا عاديًا أو شخصًا عابر بل أحد الرموز ذات الإسهامات الكبرى في الحياة التعليمية والقيادة التربوية والاجتماعية والثقافية؛ فهو أحد الرموز التعليمية والتربوية ، رجل ويملك سجل تاريخي موثق بالعديد والعديد من النجاحات التربوية شهد له العدو قبل الصديق بلا مبالغة.
ومن أمثال الأستاذ فضل محمد عثمان القعقوع ينهض بهم التعليم ويتقدم الوطن على أي أمر شخصي يهدف إلى أن يساهم في نهضة التعليم في منطقته ووطنه ، فهو من الرجال الذين لا يريدون بأعمالهم جزاءً ولا شكوراً.... فُطِروا على بذل الخير، فوجدوا القبول والاحترام.
وداعًا أيها القائد العظيم الأستاذ التربوي فضل محمد عثمان القعقوع؛ فالموت حق ولا مفر منه، عشت عاليًا كلك عز وفخر كشموخ تاريخ جبال ردفان في علوها وكرمها السخي لكنها رصيدك في الفردوس الأعلى وما علينا الاّن أن نودعك ونكفكف دموع الحزن ونقول: سلام عليك يوم ولدت وسلام عليك يوم وفاتك وسلام عليك يوم البعث العظيم؛ فلك وعليك رحمة ربك وللوطن الصبر والسلوان.
رحمة.الله تغشاك أيها التربوي الكبير والدي فضل محمد عثمان القعقوع وأسكنك الفردوس الأعلى.