أثارت تصريحات نجم كرة القدم كريستيانو رونالدو لقناة برتغالية، بأنه سيعتزل لعب كرة القدم "بعد سنتين أو ثلاث"، وأن ذلك سيكون "على الأرجح" في صفوف نادي النصر السعودي، ردود فعل كثيرة. وأسف البعض أن "تنتهي مسيرة أسطورة في كرة القدم" بهذه الطريقة، مع نادٍ "غير معروف عالمياً" أو "نادٍ غير برتغالي".
وقال رونالدو: "أنا سعيد في هذا النادي، وأشعر بالسعادة في هذا البلد أيضاً. أنا سعيد باللعب في المملكة العربية السعودية وأريد الاستمرار بذلك".
وأكد لقناة "ناو"، أنه سيلعب مع منتخب البرتغال مجدداً وأنه لن يعلن مسبقاً عن مباراته الأخيرة مع منتخب بلاده. وما فاجأ الجمهور أيضاً هو قول المخضرم البرتغالي إنه لم يفكر بخوض تجربة التدريب نهائياً.
ما الهدف من شراء السعودية أبرز نجوم كرة القدم في العالم؟
لماذا لا ينبغي أن تمثل استضافة السعودية لمونديال 2034 مفاجأة؟
ولي العهد السعودي: لا أكترث للاتهامات بـ"تحسين الصورة عبر الرياضة"
تصريحات رونالدو هذه أحبطت كثيرين، ولكن يبدو أن حسابات أحد أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم، مختلفة. وتتطابق تصريحاته هذه مع ما نراه مؤخراً من مشاريع مختلفة يطلقها، لا علاقة لها بأساس موهبته وشهرته.
لماذا السعودية؟
في اتصال مع بي بي سي عربي، أشار الصحفي الرياضي وديع عبد النور إلى أن تصريحات كريستيانو رونالدو الأخيرة لم تكن قاطعة وحاسمة بشأن مستقبله، بل تركت الباب مفتوحًا أمام احتمالات وتفسيرات مختلفة.
ويرى عبد النور أن مفاجأة البعض من حديث رونالدو غير مبررة، موضحًا أن النجم البرتغالي، "رغم كونه رياضياً استثنائياً يتمتّع بلياقة وموهبة عالية، إلا أنه يبلغ من العمر 39 عاماً. هذا العمر، حتى بالنسبة لرياضي مثله، سيؤثر حتماً على أدائه في الدوريات الأوروبية الكبرى المعروفة بمتطلباتها البدنية العالية ومستوى المنافسة الشرس فيها، مثل الدوريات الإيطالية والإنكليزية والإسبانية التي لعب فيها سابقاً".
ويضيف: "صحيح أن الدوري السعودي يشهد تطوراً ملحوظاً ويتسع لضم المزيد من النجوم، إلا أن وتيرة الضغط فيه لا تزال أقل من الدوريات الأوروبية الكبرى. وإذا أراد رونالدو أن يواصل التألق ويحافظ على مكانته البارزة في تلك الدوريات، فسيتطلب منه ذلك بذل جهد أكبر والحفاظ على وتيرة أداء أعلى".
ويتابع: "حقق رونالدو كل شيء ممكن على مستوى الأندية، وعلى الرغم من أن مشاركته في كأس العالم القادمة قد تكون صعبة، إلا أنه يستمر في تحقيق أرقام قياسية مع منتخب بلاده، وهو يحمل بالفعل الرقم القياسي في عدد المشاركات الدولية".
من جهة أخرى، يشير عبد النور إلى أن رونالدو يمثل واجهةً لبرنامج تطوير كرة القدم السعودية، الذي يعد جزءًا من رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل سنوات. تهدف هذه الرؤية إلى تحديث المملكة وتعزيز السياحة وتنويع الاقتصاد، استعداداً لعالم ما بعد النفط.
ويضيف عبد النور أن رونالدو "شخصية محورية يركزون عليها في جهود التسويق، مما جعله سفيراً للأهداف التي تسعى المملكة لتحقيقها، سواء في مجال كرة القدم أو حتى في المشاريع السياحية الأخرى".
وينشر رونالدو على صفحاته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، مقاطع فيديو تشجع على زيارة السعودية، وتصوّر المرافق السياحية المستحدثة فيها.
وبالعودة للرياضة، تستعد السعودية لتنظيم كأس آسيا لكرة القدم عام 2027 وهي المرشحة الوحيدة لاستضافة كأس العالم 2034 في الوقت الحالي مع سحب أستراليا ملف ترشيحها.
وفازت المملكة عام 2022 بحق استضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029 التي ستقام في تروجينا، في مدينة نيوم.
وظهر رونالدو قبل أيام كضيف شرف إلى جانب رئيس "الاتحاد الدولي لكرة القدم" (فيفا) في فعاليات "كأس العالم للرياضات الإلكترونية" وهو باللباس السعودي التقليدي.
ويقول عبد النور إن "مستوى الاهتمام والهالة التي يعنى بها رونالدو" لم تُمنح لأي لاعب كبير آخر في الدوري السعودي.
وينتهي عقد رونالدو مع نادي النصر في نهاية العام 2025.
"البطل لا يموت"..
قال رونالدو لقناة "ناو": "لا أفكر في الوقت الحالي أن أصبح مدرباً للفريق الأول أو أي فريق آخر. هذا الأمر لا يخطر على بالي، ولم أفكر فيه مطلقاً. لا أرى مستقبلي في ذلك". مضيفاً: "أرى نفسي أفعل أشياء أخرى خارج عالم كرة القدم، لكن الله وحده يعلم ما يحمله المستقبل".
ويعتبر عبد النور أن رونالدو ترك في هذا التصريح أيضاً المجال مفتوحاً ولم يكن قراره بعدم خوض تجربة التدريب مفاجئاً، إذ إن "شخصاً بهالة رونالدو يجب أن يعدّ للعشرة قبل خوض تجربة التدريب". وذلك لأنه "إذا لم تُترجم الإنجازات التي حققها كلاعب على صعيد التدريب، ستُطرح عليه علامات استفهام كبيرة".
وأضاف: "نتذكر الهالة الكبيرة التي كان يتمتع بها مارادونا كلاعب، والتي كانت تتركز على شخصيته، إلا أنه من حيث فنيّات التدريب، كان هناك مدربون أفضل منه بكثير، ولم يحقق نتائج رائعة أو يترك بصمة في هذا المجال".
إذ إن "ليس كل لاعب مميز يمكنه أن يصبح مدرباً مميزاً، وليس كل مدرب مميز كان لاعباً مميزاً، ونعطي جوزيه مورينيو مثالا على ذلك".
ويقول عبد النور إن بعض المعجبين "يتعاملون مع النجوم على أنهم ملك لهم ويجب أن يلبّوا رغباتهم وتوقعاتهم". وعلى اللاعب أن يكون بحسب توقعاتهم، "متألقاً دائماً، ناجحاً دائماً، ولا يُقهر. فالبطل لا يموت".
ويضيف: "ليس من الضروري أن يستطيع لاعب كرة القدم الناجح أو الهداف الناجح، وإن كسر أرقاماً قياسية، نسخ تجربته الشخصية الناجحة كلاعب، والتي هو فقط من يتحكم بها، على صعيد تدريب فريق يتألف من لاعبين آخرين".
ويعتبر أن رونالدو الذي بقي إلى عمره الحالي، بهذا المستوى من اللياقة البدنية وهذه الصورة، فلا بدّ أنّ ذلك تطلّب "منه الكثير والكثير من التضحية والالتزام الذي يفوق التصوّر" والذي لا يعلم عنه الجمهور سوى القليل، فيكون قاسياً في الحكم في مرات كثيرة.
"إمبراطورية رونالدو للأعمال"..
يبدو أن تصريحات رونالدو الأخيرة عن مستقبله خارج عالم كرة القدم، تتطابق تماماً مع الخطوات التي بدأ يعلن عنها مؤخراً.
إذ أطلق رونالدو الأسبوع الماضي قناته الخاصة على يوتيوب، واستطاع من خلالها أيضاً كسر رقم قياسي جديد خارج ملعب كرة القدم، من خلال جمعه 30 مليون منتسب في القناة في غضون يومين.
ويعتبر رونالدو صاحب أكبر عدد من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، بمجموع يتجاوز 919 مليون متابع على كل من إنستغرام وفيسبوك وإكس فقط.
يبدو أن خطوته الأخيرة، التي شاركت فيها أيضاً شريكته جورجينا رودريغيز، تُمثِّل تمهيداً لحياته المستقبلية خارج عالم كرة القدم، وهي استكمالٌ لما بدأ ببنائه قبل سنوات في "إمبراطوريته للأعمال".
تشمل هذه الإمبراطورية سلسلة فنادق في ماديرا، وهي الجزيرة التي شهدت نشأته في البرتغال، وسلسلة مطاعم في دول مختلفة حول العالم بالشراكة مع لاعب التنس الإسباني المخضرم رافاييل نادال.
يضاف إلى ذلك حيازته أسهماً بشركات عديدة، كان آخرها في شركة لتصنيع تحف الخزف البرتغالية الفاخرة، إلى جانب كونه المساهم الرئيسي في مجموعة إعلامية برتغالية تتضمن تلفزيونا وصحفا، بحسب صحيفة "إل باييس" الإسبانية.
ويقول عبد النور لبي بي سي: "لقد تغيرت اللعبة بشكل عام ولم تعد بسيطة، بل أصبح يدخل فيها الكثير من المال والتسويق والحسابات التي تتحكم بالسوق والصورة".
ويُعتبر رونالدو أفضل هدافٍ في تاريخ كرة القدم مع 898 هدفاً، منها 130 هدفاً على المستوى الدولي. ويُعتبر أيضاً أفضل هدافٍ في تاريخ ريال مدريد مع 450 هدفاً.
وسيتم تسليم رونالدو جائزة خاصة في حفل سحب القرعة في دوري أبطال أوروبا في موناكو يوم الخميس من رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ألكسندر سيفرين، تكريماً لإنجازاته في المسابقة.
سجل رونالدو في 183 مباراة في دوري أبطال أوروبا 140 هدفاً، وهو رقم قياسي في تاريخ المسابقة، متفوقاً بذلك على ليونيل ميسي بفارق 11 هدفاً، وعلى صاحب المركز الثالث روبرت ليفاندوفسكي بفارق 46 هدفاً.
وفاز رونالدو بدوري أبطال أوروبا خمس مرات، أربع مرات مع ريال مدريد ومرة واحدة مع مانشستر يونايتد.