لم يكن يوم 8 مارس/أذار 2017 تاريخًا عاديًا بل كان شاهدًا على حدث استثنائي غير الكثير من ملامح كرة القدم على المستوى الإعلامي والتسويقي وأيضًا الرياضي.
ففي هذا اليوم، فجر برشلونة مفاجأة مدوية بفوز عريض على ضيفه باريس سان جيرمان بنتيجة 1/6 في ملعب كامب نو، ليتأهل الفريق الكتالوني لدور الثمانية.
المفاجأة لم تصنعها الأهداف الستة فقط بل سيناريو تأهل البارسا الذي كان أشبه بمعجزة كروية بعد خسارته ذهابا بنتيجة 0/4 في معقل منافسه الباريسي.
وانتشر مصطلح "ريمونتادا" لتسليط الضوء على ما حققه برشلونة، بل أصبح ماركة مسجلة كلما تكرر هذا السيناريو في مواجهات أخرى بالسنوات الأخيرة.
انتقام باريسي
وفتح هذا الفوز التاريخي أبواب حرب باريسية شرسة ضد برشلونة على مستوى الصفقات وانتقالات اللاعبين بين الناديين.
وبعد هذه المباراة التاريخية بأشهر قليلة، أبرم النادي الباريسي الصفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم بضم نيمار جونيور مقابل كسر الشرط الجزائي في عقده.
دفع بي إس جي 222 مليون يورو لضم نيمار الذي رحل حينها بداعي رفض العيش في ظل زميله النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي.
وكان نيمار حينها بطل رواية الريمونتادا في ملعب كامب نو بأداء فني مذهل فاق ميسي، الذي خطف الأضواء فقط بصورة احتفاله الشهير خلف المرمى وهو يقف وسط جماهير البارسا.
بخلاف نيمار، فقد تعنت بي إس جي ضد انتقال أكثر من لاعب بصفوفه إلى برشلونة مثل أدريان رابيو، وماركو فيراتي، وماركينيوس.
بل وأحبطت الإدارة الباريسية نيمار نفه الذي حاول العودة مجددًا إلى برشلونة، وذلك بشروط تعجيزية مقابل الاستغناء عن النجم البرازيلي في صيف 2019.
ولم تتوقف الحرب الباريسية عند هذا الحد بل اتجه النادي الفرنسي لتفريغ برشلونة من نجومه تدريجيًا بضم ميسي في 2021 بصفقة انتقال حر، قبل أن ينضم عثمان ديمبلي مطلع الموسم الجاري مقابل كسر الشرط الجزائي في عقده.
وكان المدرب الإسباني لويس إنريكي قائد موقعة الريمونتادا آخر القادمين إلى باريس من برشلونة بتوقيعه على عقد لموسمين في صيف العام الماضي 2023.
بورصة جديدة
وفتحت صفقة انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان قبل 7 أعوام بورصة جديدة تغير معها معدل أسعار لاعبي كرة القدم في العالم.
ففي نفس فترة الانتقالات بصيف 2017 تعاقد النادي الباريسي مع كيليان مبابي مقابل 180 مليون يورو قادمًا من موناكو لاعبًا شابًا عمره 18 عاما.
وبعدها شهدت كرة القدم صفقات عديدة تلامس حاجز 100 مليون يورو أو تقترب كثيرا من هذا الرقم بمختلف الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى.
نعش برشلونة
يبقى برشلونة غارقا في الديون والأزمات المادية منذ رحيل نيمار إلى باريس، والذي تبعه تهورا شديدا من الإدارة السابقة برئاسة جوسيب ماريا بارتوميو.
صرف بارتوميو ما كسبه برشلونة من بيع نيمار على ضم الثنائي عثمان ديمبلي وفيليب كوتينيو من بوروسيا دورتموند الألماني وليفربول الإنجليزي.
وبعدها انضم أنطوان جريزمان من أتلتيكو مدريد مقابل 120 مليون يورو، إلا أن البارسا لم يستفد كثيرا من هذا الثلاثي ورحلوا تباعا عن النادي.
وزادت الأمور تعقيدا بارتفاع سقف الرواتب في برشلونة إلى أرقام فلكية جعلت النادي محاصرا بالعقوبات الإدارية التي منعته من إبرام صفقات ثقيلة.
واضطر خوان لابورتا رئيس نادي برشلونة بعد نجاحه في الانتخابات عام 2021 إلى اتباع سياسة جديدة بعدما دقت صفقة نيمار مسمارا في نعش النادي.
وكان أبرز ضحايا هذه السياسة رحيل نجوم من العيار الثقيل مثل لويس سواريز وميسي ثم جيرار بيكيه وأخيرا ألبا وبوسكيتس لخفض سقف الرواتب.
كما دخلت الإدارة في مفاوضات معقدة مع النجوم من أجل تخفيض رواتبهم تزامنا مع اعتماد تصعيد عدد كبير من خريجي أكاديمية لاماسيا لبناء فريق للمستقبل يرتكز على مواهب شابة مثل جافي وبالدي وأراوخو وفيرمين لوبيز ولامين يامال وغيرهم.
هاجس باريس
ومع ذلك لم تخلص هذه الحرب الشرسة النادي الباريسي من أكبر هواجسه، فهو لم تحقق له لقب دوري أبطال أوروبا بل كان أبرز إنجازاته خسارة نهائي 2020 أمام بايرن ميونخ.
وبسيناريو مشابه، تخلى باريس سان جيرمان عن عدد كبير من النجوم البارزين مثل بوفون وكافاني ودي ماريا وأخيرا ميسي ونيمار وفيراتي وسيرجيو راموس.
وبسبب هذا الهاجس أيضا بات الفريق الباريسي مهددا برحيل أبرز نجومه وهدافه التاريخي كيليان مبابي الذي اقترب من الرحيل بنهاية عقده، لأنه اقتنع بأن الاستمرار في حديقة الأمراء يهدد أحلامه الكبيرة في الفوز بلقب دوري الأبطال أو جائزة الكرة الذهبية.