تخطط الحكومة البريطانية لترحيل 9 آلاف مهاجر وصلوا البلاد بشكل غير شرعي بحلول نهاية العام الجاري، كذلك كشفت وزارة الداخلية عن تعيين أكثر من 100 عنصر جديد لدعم الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في ملاحقة عصابات تهريب البشر التي تدير عمليات نقل اللاجئين بين السواحل الفرنسية والإنجليزية على متن قوارب مطاطية.
أعلنت الحكومة البريطانية الجديدة اليوم الأربعاء عن إجراءات جديدة لمكافحة الهجرة غير النظامية، فكشفت عن تعيين أكثر من 100 عنصر استخبارات جديد للعمل مع الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة من أجل ملاحقة عصابات تهريب البشر ومنع انطلاق قوارب المهاجرين غير الشرعيين من السواحل الفرنسية باتجاه الشواطئ الإنجليزية.
تقدر المنظمة الدولية للهجرة أن 226 شخصاً من بينهم 35 طفلاً في عداد المفقودين أو ماتوا بعد محاولتهم عبور البحر إلى بريطانيا منذ مطلع العام، وبينما تخوض "وكالة الجريمة" في 70 تحقيقاً نشطاً بشأن تهريب البشر إلى الشواطئ الإنجليزية، قال رئيس الوكالة غرايم بيغار لإذاعة "أل بي سي" إن "الوصول إلى نظام سريع وواضح في حسم طلبات اللجوء وترحيل المهاجرين من أهم أدوات الردع والحد من الهجرة غير الشرعية".
يصل المهاجرون غير الشرعيين بشكل شبه يومي إلى السواحل البريطانية عبر بحر المانش، وفي 11 أغسطس (آب) الجاري وصل أكثر من 700 شخص ليسجل أعلى معدل يومي في تواتر "هجرة القوارب" منذ وصول حزب العمال إلى السلطة في 5 يوليو (تموز) الماضي، وفي الإجمالي جاء 19294 مهاجراً إلى البلاد عبر البحر منذ مطلع العام وحتى 19 أغسطس 2024، بواقع زيادة 10 في المئة مقارنة بالفترة ذاته من 2023.
من الإجراءات الحكومية الجديدة أيضاً في هذا المجال تكليف أكثر من 300 موظف إضافي لدراسة والبت في طلبات اللجوء من أجل ترحيل المرفوضين قسراً أو بشكل طوعي، وفي هذا الإطار تستهدف وزارة الداخلية الوصول إلى ترحيل 9 آلاف مهاجر في عام 2024 لتبلغ الرقم الذي سجلته حكومة حزب المحافظين خلال عهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي في عام 2018.
يقول الباحث في مرصد الهجرة بيتر ولش، إنه يتوجب على حكومة العمال ترحيل 3000 مهاجر إضافي هذا العام مقارنة بـ 2023 من أجل الوصول لمستويات 2018، وحتى لو نجحت بذلك فإن معدلات الترحيل قبل 5 سنوات كانت الأقل طوال الـ 20 عاماً الماضية، كذلك أن عهد ماي شهد رحيلاً طوعياً ربما أكثر من الإعادة القسرية كذلك كان لدى المملكة المتحدة هامش مناورة أكبر في ظل اتفاقيات إعادة للمهاجرين لم تعد تتمتع بها بعد "بريكست".
من جهته، دعا الرئيس التنفيذي لـ"مجلس اللاجئين" أنور سولومون، إلى تشجيع طالبي اللجوء المرفوضين على العودة طوعاً، لافتاً في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن "ثلثي هؤلاء يغادرون طوعاً بالفعل ولكن يتوجب على الحكومة إطلاق برامج عودة جذابة لهم بدلاً من توسيع مراكز الاحتجاز وإهدار أموال دافعي الضرائب على هذه الأماكن".
وأعلن رئيس الوزراء كير ستارمر فور وصوله إلى السلطة التخلي عن خطة المحافظين بشأن ترحيل المهاجرين إلى رواندا، وهو يسعى إلى إبرام صفقات عودة ثنائية مع دول تعتبر آمنة مثل فيتنام وتركيا وكردستان العراق، وكذلك الوصول لاتفاق جديد من أجل إعادة اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي، ولكن إبرام مثل هذه الاتفاقيات وبخاصة الأخيرة، لن يكون سهلاً برأي ناتاشا تسانجاريدس، المديرة المساعدة في منظمة "أن جي أو" الحقوقية.
أمضى "المحافظون" 14 عاماً متواصلاً في حكم المملكة المتحدة من دون أن ينفذوا تعهداتهم بشأن تقليص أعداد المهاجرين أو ضبط الحدود، وعلى رغم ذلك انتقد وزير الداخلية السابق جيمس كليفرلي أداء الحكومة العمالية الجديدة وقال إنها غير جدية في التعامل مع هذا الملف، منوهاً إلى أن تخلي حكومة ستارمر عن "خطة رواندا" لم يكن صحيحاً، بخاصة وأنه لم يقدم بدائل مجدية وحقيقية لقضية تعني كثيراً الرأي العام البريطاني.
إجراءات مشددة
بحسب وزيرة الداخلية إيفيت كوبر اتخذت الحكومة الإجراءات المشددة والواضحة من أجل تعزيز الأمن لضبط الحدود وضمان احترام القوانين وتنفيذها، بالتالي لن يتوقف عمل الحكومة عند تضييق الخناق على المهربين وتسريع عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين، وإنما أيضاً ملاحقة كل من يتعامل مع هؤلاء داخل البلاد في توفير العمل أو الإقامة لهم بطريقة لا تراعي القوانين المعمول بها في هذا المجال.
واتخذ اليمين المتطرف في المملكة المتحدة من قضية الهجرة والمهاجرين سبباً للحشد في عشرات الاحتجاجات وأعمال العنف التي شهدتها البلدات البريطانية مطلع الشهر الجاري، ومن المتوقع أن تدور نقاشات حادة حول هذه القضية عند افتتاح الدورة البرلمانية في سبتمبر (أيلول) المقبل، مع موقف معارض لحكومة العمال من قبل حزبي المحافظين و "ريفورم" الذي يتزعمه السياسي اليميني نايجل فاراج.
وكشف استطلاع جديد للرأي أن نصف البريطانيين يعتقدون أن فاراج "مسؤول شخصياً" عن أعمال الشغب الأخيرة التي اندلعت في جميع أنحاء المملكة المتحدة، ووجد استطلاع أجرته شركة "سافانتا" بين 9 و11 أغسطس الجاري، أن 51 في المئة من البريطانيين يرون أن زعيم "ريفورم" ضالع بشكل أو بآخر في الاضطرابات التي أدت إلى اعتقال أكثر من 1000 شخص وإصدار مئات التهم بحق المحتجين.