طارد أفراد الجيش العراقي ومواطنون عراقيون مقاتلي الحشد الشعبي بعد الاشتباك معهم وهتفوا بسقوط نفوذ إيران في العراق واستهدفوا بالذات اسم آية الله الخميني والمرشد الأعلى علي خامنئي.
وتعكس هذه المواجهة غضبا شعبيا ورسميا في العراق من نفوذ إيران المتزايد، بما بات يمثل تحديا لسلطة الدولة العراقية في الصغيرة والكبيرة، وقد تمثل انطلاقا لانتفاضة أوسع تشمل مختلف المحافظات، وخاصة تلك التي صار يسيطر عليها الإيرانيون من بوابة الزيارات الدينية.
ويمكن أن يمهد هذا الحراك التلقائي الفرصة لحراك شعبي أوسع مع اقترب الذكرى الخامسة لانتفاضة تشرين 2019، والتي واجه فيها المنتفضون الميليشيات المرتبطة بإيران بسبب رفضها الشعارات التي تم رفعها وانتقدت تردّي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفساد المالي والإداري والبطالة.
◄ أفراد من الجيش العراقي ومواطنون عراقيون طاردوا عناصر الحشد الشعبي وهتفوا بسقوط نفوذ إيران في العراق
ولا يكتفي الإيرانيون بالتحكم في العراق من خلال الميليشيات والأحزاب الحليفة التي تتحكم في كل شيء داخل البلد، وإنما زاد نفوذهم المباشر اقتصاديا وأمنيا في العراق من بوابة الزيارات وما يتبعها من اقتصاد مواز يتضرر منه الاقتصاد العراقي.
ويشعر العراقيون بأن إيران توظف الزيارات الدينية في المزيد من السيطرة على العراق أكثر من كونها مناسبات دينية، وهو ما يفسر انطلاق احتجاج تلقائي من القوات العراقية ومواطنين ضد ميليشيات الحشد الشعبي بمناسبة أربعينية الإمام الحسين في كربلاء لكونها واجهة لحماية الوجود الإيراني.
واندلع اشتباك مسلح فجر الخميس بين عناصر من الجيش العراقي وأفراد فصيل مسلح ينتمي إلى الحشد الشعبي في مدينة كربلاء خلال مسيرة للزوار المتوجهين إلى المشاركة في أربعينية الإمام الحسين.
ووقع تبادل إطلاق النار وسط جمع كبير من الزوار قرب حاجز تفتيش تابع للجيش، وإثر ذلك تم اعتقال ستة من أفراد الحشد الشعبي المتورطين في الحادث، حسب قول مسؤول في وزارة الداخلية.
واندلع الاشتباك عندما حاولت أربع مركبات من قوات الحشد عبور حاجز تفتيش للجيش، على طريق مخصص للمشاة ومغلق أمام حركة السيارات.
ورغم أن الحشد جزء من القوات الحكومية قانونيا، فإن العراقيين ينظرون إليه كواجهة أمنية لنفوذ إيران، وأن الاشتباك يمكن أن يزيد التوتر بينه وبين القوات الحكومية، لاسيما أن الحشد يتحرك وفق أوامر وقرارات تأتي من خارج المؤسسة العسكرية وينفذ أجندات خاصة تتعارض مع التوجه الحكومي.
وحتى بعد أن تم دمج الحشد الشعبي ضمن قوات الأمن العراقية، تحدث بين الحين والآخر توترات ومناوشات بين عناصر من الحشد ومؤسسات أمنية أخرى، بما في ذلك العاصمة بغداد.
ولم تخل السنوات الأخيرة من حوادث اصطدمت فيها الميليشيات بالقوات النظامية العراقية، من بينها ما حدث قبل سنوات عندما اقتحم مسلّحون من ميليشيات الحشد المنطقة الخضراء المحصّنة داخل بغداد، التي تضمّ أهمّ المقار الحكومية والسفارات الأجنبية، وحاصروا مقرّ إقامة رئيس الوزراء آنذاك مصطفى الكاظمي بعد أن قامت قوة أمنية باعتقال القيادي في الحشد قاسم مصلح للتحقيق معه في تهم تراوحت بين الفساد المالي والتورّط في اغتيال النشطاء المعارضين.
وسبق لعناصر من ميليشيا عصائب أهل الحق أن اقتحمت المنطقة الخضراء بعد توقيف قوات الأمن عنصرا من الميليشيا بتهمة قصف مواقع داخل المنطقة بالصواريخ.
وكانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت عن اعتقال 53 شخصا على خلفية مشاجرة استخدمت فيها الأسلحة وحصلت شمال قضاء الكوفة بمحافظة النجف خلال إحياء مراسم أربعينية الإمام الحسين. ولا يعرف إن كان هذا الحادث امتدادا للتوتر الذي حصل في كربلاء أم هو حدث مستقل.
وقالت في بيان صحفي إن قوات مشتركة من التدخل السريع وشرطة محافظة النجف ضبطت “أسلحة وأعتدة ومازالت عمليات البحث مستمرة عن جميع المتورطين في هذا الحادث”.
وتعهدت قيادة شرطة محافظة النجف بأنها لن تتهاون حيال المتورطين في المشاجرة التي حصلت في قضاء الكوفة، مشيرة إلى أنها تمكنت من فرض “سيطرتها على مكان المشاجرة التي حصلت شمال قضاء الكوفة بمحافظة النجف واعتقال عدد من المتهمين”.
وعبر الاشتباك بين عناصر من الحشد الشعبي وأخرى من قوات الجيش العراقي في مدينة كربلاء عن حالة من التوتر بين الطرفين بسبب الإنذار الأميركي الأخير بالرد بقوة على استهداف قواته، في وقت نأت فيه الحكومة العراقية بنفسها عن الاشتباك مؤكدة أنها لن تتساهل مع استهداف القوات الأميركية، وهو ما بدا كأنه تخل عن الحشد وجعله يدفع الضريبة وحده.
وتعهد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في السابع من أغسطس بـ”عدم التسامح مع الهجمات” على القوات الأميركية.