لملمت قمة القاهرة للسلام أوراقها، دون بيان ختامي يحمل توقيعات الجميع، إثر خلافات معروفة مسبقا، لكن مصر أعلنت موقفها ببيان منفرد.
الاجتماع انتهى دون أن يتفق الزعماء ووزراء الخارجية على بيان مشترك بينما يحتدم في غزة المجاورة منذ أسبوعين صراع أودى بحياة الآلاف وتسبب في كارثة إنسانية في القطاع المحاصر الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة.
ولم يكن الدبلوماسيون الذين حضروا المحادثات متفائلين من البداية، حيال إمكانية حدوث انفراجة بينما تستعد إسرائيل لاجتياح بري لغزة للقضاء على حركة حماس التي هاجم مسلحوها بلداتها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول مما أودى بحياة 1400 شخص.
وقالت مصادر عربية لـ"العين الإخبارية"، إن أهم الخلافات كانت حول المفاهيم الأساسية المتعلقة بالصراع الدائر في غزة، والموقف السياسي من هجوم حركة حماس على مستوطنات وبلدات في غلاف القطاع.
المصادر ذاتها أوضحت أن ممثلي الدول الغربية كان يريدون تضمين البيان إدانة لحركة حماس فقط، دون إدانة الطرف الآخر في مقتل آلاف الأبرياء في غزة، وكذلك لم يريدوا النص على وقف إطلاق نار عاجل وضمان فتح ممرات إنسانية للمساعدات.
وأضافت: "الدول الأوروبية الكبرى لم تكن راغبة فى صدور أي بيان بغض النظر عن صياغته"، وتحجج ممثلوها بأسباب واهية، وكلما طرحت حلول وسط لم يوافقوا لأنهم غير راغبين فى صدور بيان".
نتيجة هذه الملابسات، صدر بيان منفرد من رئاسة القمة؛ الرئاسة المصرية.
موقف مصر
إذ قالت الرئاسة المصرية في بيانها، "اجتمع قادة ورؤساء حكومات ومبعوثي عدد من الدول الإقليمية والدولية في القاهرة، للتشاور واستكشاف سبل دفع الجهود نحو احتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة واتجاه وقف التصعيد العسكري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني".
وتابعت: "سعت مصر بدعوتها لهذه القمة، إلى بناء إجماع دولي يتجاوز الثقافات والأعراق والأديان والمواقف السياسية، نواته قيم الإنسانية وضميرها الجماعي الرافض للعنف والإرهاب وقتل الأرواح غير المشروع، ويدعو إلى وضع حد إلى الحرب
البيان المصري قال "تطلعت مصر أيضاً إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالمياً للسلام، يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية. بحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية وجادة".
الرئاسة المصرية مضت قائلة إن "المشهد الدولي في العقود الماضية، كشف عن قصور جسيم فى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، لكونه سعى لإدارة الصراع، وليس إنهائه بشكل دائم".
وتابعت: "اكتفى المشهد الدولي بطرح حلول مؤقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى على مر أكثر من ثمانين عاماً من الاحتلال الأجنبي ومحاولات طمس الهوية وفقدان الأمل".
وقالت أيضا "كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبينما نرى هرولة وتنافس على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد تردداً غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر.. بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر".
ومضت قائلة "إن الأرواح التي تزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رُعباً تحت نير القصف الجوي على مدار الساعة، تقتضي أن تكون استجابة المجتمع الدولي على قدر فداحة الحدث".
واستطردت "الشعب الفلسطيني لابد أن يتمتع بكافة الحقوق التي تتمتع بها باقي الشعوب، بدءاً بالحق الأسمى، وهو الحق في الحياة، وحقه فى أن يجد المسكن الآمن والرعاية الصحية اللائقة والتعليم لأبنائه، وأن تكون له قبل كل شيء دولة تُجسد هويته ويفخر بالانتماء لها".
وزادت "مصر تؤكد بهذه المناسبة، أنها لن تألوا جهداً في استمرار العمل مع جميع الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التي دعت إلى عقد هذه القمة، مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع. وسوف تحافظ مصر دوماً على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجي لا حياد أو تراجع عنه".
وأوضحت "وفى إطار سعي مصر نحو تحقيق تلك الأهداف السامية، لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة…. ولن تتهاون للحظة فى الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات".
وحضر قمة القاهرة للسلام، عدد من قادة البلدان العربية، بينها الإمارات، والأردن والبحرين وقطر، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إضافة إلى عدد من رؤساء الحكومات الغربية مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا.
كذلك حضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل.
واندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ومنذ اندلاع الحرب، قتل 4385 شخصا في غزة جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة فيما أصيب 13651.