لقي 60 شخصا على الأقل حتفهم جراء انهيار سد نتيجة لأمطار غزيرة في شرقي السودان، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية، في أحدث مأساة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والتي تعاني من المجاعة بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عام.
وأكدت صحف محلية انهيار سد أربعات، الذي يقع على بعد 40 كيلومتر شمال مدينة بورتسودان، التي تتخذها الحكومة السودانية مقرا لها، بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.
ولم يصدر توضيح رسمي من السلطات المحلية لولاية البحر الأحمر بشأن الوضع الهندسي لسد أربعات الذي تسبب تدفق المياه خارجه في قطع الطريق بورتسودان-أوسيف شمالي عاصمة الولاية بنحو كيلومترين فضلا عن توقف المعبر على الحدود بين السودان ومصر.
وذكر موقع صحيفة التغيير السودانية، أنه لا يزال العديد من الأشخاص في عداد المفقودين بعد انهيار سد أربعات، الذي يحتوي على خزان يعد المصدر الرئيسي للمياه العذبة لمدينة بورتسودان القريبة على البحر الأحمر.
وأفاد الموقع، نقلا عن شهود عيان، بأن السيول الجارفة وغير المعتادة داهمت القرى القريبة من سد أربعات، حيث ارتطمت بالجبال المحيطة وعادت للقرى لتدمرها وتضاعف معاناة الناس هناك، ما اضطر عشرات المواطنين إلى صعود قمم الجبال لتجنب خطر السيول، بينما حاصرت المياه آخرين لا يزالون محاصرين في تلك القرى فيما لايزال عدد كبير من المواطنين في عداد المفقودين.
ووفقا للموقع فقد أدى انهيار السد إلى فيضانات وسيول جارفة محملة بكميات هائلة من الطمي مسحت القرى الواقعة حول السد، مما أدى إلى مقتل العشرات، وتحول تلك القرى إلى أراض مغطاة بـ"الأطماء" في وقت تواجه فيه السلطات صعوبات جمة في الوصول إلى العالقين أو الذين صعدوا الجبال وتهددهم العقارب والثعابين.
ويعدّ "سد خور أربعات" أحد مصادر المياه الرئيسية التي تغذي مدينة بورتسودان الساحلية، وتبلغ سعة بحيرته 25 مليون متر مكعب.
وقال عمر عيسى طاهر مدير "هيئة المياه" في ولاية البحر الأحمر في تسجيل صوتي، في إحصاءات تقديرية أولية، فإن ما لا يقل عن 60 شخصاً لقوا مصرعهم، فيما جرفت السيول السيارات.
وشدد على أن الوضع بحاجة إلى تدخلات عاجلة، لا سيما أن المواطنين الذين صعدوا الجبال لاتقاء الماء يواجهون خطر لدغات العقارب والثعابين"، مضيفا "همنا الأكبر هو نقل المحاصرين بالمياه إلى أماكن آمنة، وتعمل فرق الإنقاذ على ذلك، فيما يقدم (الهلال الأحمر السوداني) وعدد من المنظمات مواد إغاثية لمن جرى إنقاذهم".
وأطلق أهالي المنطقة نداءات استغاثة عاجلة لكل من مجلس السيادة وحكومة الولاية والمحليات ومنظمات المجتمع المدني، لإنقاذهم ومساعدتهم على مواجهة الأوضاع الكارثية التي يعيشونها.
وذكر موقع "سودان تربيون" أن الجيش وقوات نظامية شاركوا في إجلاء مواطنين عالقين وسط المياه التي غمرت مساحات شاسعة بمحلية القنب الأوليب.
وأمر والي ولاية البحر الأحمر مصطفى محمد نور الذي وصل في وقت متأخر مساء السبت لتفقد المنطقة المحيطة بسد أربعات باستخدام كافة الوسائل والامكانيات لدى القوات النظامية وحكومة الولاية لانجاح عمليات الإنقاذ.
ووصل قائد جيش السوداني عبدالفتاح البرهان الأحد إلى المناطق المتأثرة بالسيول والأمطار بمنطقة أربعات بمحلية القُنب والأوليب في ولاية البحر الأحمر.
وحسب إعلام مجلس السيادة فإن البرهان وقف على حجم الأضرار والخسائر التي تعرض لها المواطنون في تلك المناطق، وأكد وقوف الدولة بكافة أجهزتها مع المتضررين وتقديم كل ما من شأنه تخفيف وطأة الكارثة عليهم.
ووجه البرهان كافة أجهزة الدولة الاتحادية والولائية بتسخير كل الامكانيات لمساعدة المواطنين في هذه المناطق وتقديم الدعم والعون لهم.
وتشهد ولاية البحر الأحمر أمطاراً غزيرة غير معتادة هذه الأيام، فالأمطار التي كانت تسقط في الشتاء سقطت صيفاً هذا الموسم وبغزارة لافتة، مما جعل البعض يعتقد أن الخريف تحول إلى "خريفين" في "البحر الأحمر".
وتتسم ولاية البحر الأحمر بصيف طويل حار جاف ورطب، وشتاء ممطر ورطب ودافئ نسبياً، لكن المنذر توقع تغييراً مهماً في المناخ، والانتقال إلى صيف حار جداً وقصير تهطل فيه الأمطار، وشتاء بارد جداً وممطر
وتأثر نحو 317 ألف شخص (56 ألف أسرة) بالأمطار الغزيرة والفيضانات، في 60 منطقة عبر 16 ولاية في أنحاء السودان المختلفة، منذ بداية هطول الأمطار في يونيو الماضي، وذلك وفقاً لـ"مكتب الشؤون الإنسانية (أوتشا)" التابع للأمم المتحدة في السودان.
وقال "أوتشا" إن نحو 118 ألف شخص نزحوا، وفقاً لتقرير تحديث الفيضانات من "منظومة تتبّع النزوح"، التابعة لـ"المنظمة الدولية للهجرة"، وإن السلطات والشركاء الإنسانيين تواصلوا من أجل تقييم تأثير الأمطار الغزيرة والفيضانات على المجتمعات المضيفة واللاجئين والنازحين داخلياً.
ووفقاً للتقرير الميداني، فإن أكثر من 32 ألف شخص تأثروا بالأمطار الغزيرة والفيضانات في شرق السودان، وإن الأمطار ألحقت أضراراً بـ190 خيمة تؤوي النازحين في موقع تجمعهم بمدينة كسلا، وإن 33 مدرسة في المدينة قد تضررت، كما ألحقت الأمطار أضراراً بالمراحيض العامة وأنظمة الصرف الصحي، وأدت إلى فقدان مخزونات الغذاء.
وتوقعت وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية السودانية، استمرار هطول أمطار مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية وسيول حتى منتصف سبتمبر، وفق وكالة السودان للأنباء.
وحذرت منظمات محلية من تفشي الأمراض من جراء المعدلات العالية للسيول في عدد من الولايات السودانية، خاصة الكوليرا. في حين طالبت نقابة أطباء السودان برفع الاستعداد لمواجهة انتشار الوباء، بعد إعلانه رسميا.
وكانت وزارة الصحة السودانية، أعلنت الأسبوع الماضي، انتشار وباء الكوليرا في عدد من الولايات، خاصة ولايتي كسلا والقضارف بشرق البلاد، مؤكدة إصابة 354 شخصا، ووفاة 22 آخرين بالمرض.
والكوليرا عدوى حادة تنتج عن تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا ضمة الكوليرا. ويتسبب المرض بالإسهال والجفاف الشديد الذي قد يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات.
وكانت منظمة الصحة العالمية قالت في مايو الماضي، إن نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار، بينما تُدمر المرافق الصحية وتتعرض للنهب وتعاني نقصا حادا في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات.
وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندميير، إن ما بين 20 إلى 30 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل في السودان، منوها إلى أن أكثر تلك المرافق يعمل بالحد الأدنى.
وأشار ليندميير إلى أن الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 بالمائة من الاحتياجات، لافتا إلى أن بعض الولايات مثل دارفور "لم تتلق الإمدادات الطبية خلال العام الماضي".