قالت مصادر مطلعة إن واشنطن وبغداد توصلتا إلى تفاهم حول خطة لانسحاب قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من الأراضي العراقية.
وأوضحت المصادر أن الخطة تتضمن خروج مئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر 2025 والبقية بحلول نهاية العام التالي.
وينتظر الاتفاق موافقة قيادة البلدين وتحديد موعد للإعلان عنه.
وقال مسؤول أميركي كبير "توصلنا إلى اتفاق، وحالياً يتعلق الأمر فقط بموعد الإعلان عنه".
ويسعى البلدان أيضاً إلى إنشاء علاقة استشارية جديدة يمكن أن تشهد بقاء بعض القوات الأميركية في العراق بعد الانسحاب.
الإعلان نهاية الشهر
وقالت المصادر إن الإعلان الرسمي كان مقرراً في البداية قبل أسابيع، لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المتعلق بالحرب الإسرائيل على غزة، ولتسوية بعض التفاصيل المتبقية،
وتوقعت المصادر أن يتم الإعلان عن الاتفاق خلال شهر سبتمبر الجاري.
وتشمل المصادر 5 مسؤولين أميركيين و3 عراقيين، وآخرين من دول أخرى في التحالف، تحدثوا جميعاً بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، لأنهم غير مخولين بمناقشة الأمر علناً.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين إن المحادثات الفنية مع واشنطن بشأن سحب قوات التحالف انتهت.
وأضاف: "نحن الآن على وشك تحويل العلاقة بين العراق وأعضاء التحالف الدولي إلى مستوى جديد، مع التركيز على العلاقات الثنائية في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية".
ويأتي الاتفاق بعد أكثر من 6 أشهر من المحادثات بين بغداد وواشنطن، والتي بدأها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في يناير وسط هجمات باستخدام الصواريخ والمسيّرات، شنتها جماعات مسلحة عراقية مدعومة من إيران على القوات الأميركية المتمركزة في قواعد عراقية، أسفرت عن سقوط 3 جنود أميركيين وإصابة العشرات، ما دفع الولايات المتحدة إلى شن ضربات انتقامية.
مواجهة تنظيم "داعش"
وتحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 2500 جندي في العراق و900 في سوريا المجاورة كجزء من التحالف الذي تشكل في عام 2014 لمحاربة تنظيم "داعش" أثناء اجتياحه للبلدين.
وكان التنظيم المتطرف يُسيطر ذات يوم على ما يقارب ثلث العراق وسوريا، لكنه هُزم إقليمياً في العراق نهاية 2017، وفي سوريا عام 2019. واعتبر علاء الدين أن العراق أثبت قدرته على التعامل مع أي تهديد متبقي.
وفي العام 2003، غزت الولايات المتحدة العراق، وأطاحت بنظام الرئيس صدام حسين، قبل الانسحاب عام 2011، لكنها عادت في 2014 على رأس التحالف لمحاربة تنظيم "داعش".
وتساهم دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، أيضاً بمئات القوات في التحالف.
وبموجب الخطة، ستغادر جميع قوات التحالف قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، وتقلص بشكل كبير وجودها في بغداد بحلول سبتمبر 2025.
ومن المتوقع أن تبقى القوات الأميركية وقوات التحالف الأخرى في أربيل، في إقليم كردستان، لمدة عام إضافي تقريباً، حتى نهاية 2026 تقريباً، وذلك لتسهيل العمليات الجارية ضد "داعش" في سوريا.
وفي حين يركز المسؤولون الأميركيون في المقام الأول على مواجهة تنظيم "داعش"، فإنهم يعترفون بأن وجودهم يخدم على المستوى الاستراتيجي مواجهة النفوذ الإيراني.
وقد أصبح هذا الموقف أكثر أهمية مع تصعيد إسرائيل وإيران لمواجهتهما الإقليمية، حيث أسقطت القوات الأميركية في العراق الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقت طهران باتجاه إسرائيل في الأشهر الأخيرة، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وصرح رئيس الوزراء السوداني بأنه على الرغم من تقديره لمساعدتهم، إلا أن القوات الأميركية أصبحت بمثابة مغناطيس لعدم الاستقرار، حيث يتم استهدافها بشكل متكرر والرد بضربات غالباً ما لا يتم تنسيقها مع الحكومة العراقية.
ومن المرجح أن يمثل الاتفاق، عند الإعلان عنه، انتصاراً سياسياً للسوداني، لأنه يوازن بين موقف العراق كحليف لكل من واشنطن وطهران.
ومن المتوقع أن تنتهي المرحلة الأولى من الانسحاب قبل شهر واحد من الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في أكتوبر 2025.
وقال مسؤول أميركي إن الإطار الزمني الذي يبلغ عامين يوفر "مساحة للتنفس" للولايات المتحدة، مما يسمح بإجراء تعديلات محتملة إذا تغير الوضع الإقليمي.