قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان سافر هو "الأشد همجية وبشاعة والأكثر انتهاكاً للقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية"، معتبراً أنه لا يوجد شريك للسلام حالياً في إسرائيل في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، وأعرب عن دعمه لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، واستمرار جهود الوساطة حتى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
وأضاف في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن ما يجري في غزة "ليس حرباً بالمفهوم المعروف والمتداول في الأعراف الدولية، بل هي جريمة إبادة بأحدث الأسلحة لشعب محاصر في معسكر اعتقال لا مهرب فيه من وابل القنابل الذي تلقيه الطائرات".
وتابع: "استنفدت القرارات والإدانات والتقارير، ولم يبق سوى الجريمة المتواصلة مع سبق الإصرار دون رادع وضحاياها من الأطفال والنساء وكبار السن".
وقال: "نعارض العنف وتعرض المدنيين الأبرياء من أي طرف كان، ولكن بعد مرور عام على الحرب، وبعد كل ما ارتكب فيها لم يعد ممكناً الحديث عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في هذا السياق، من دون التورط في تبرير الجريمة".
وأشار إلى أنه "لم يعد بوسع أي مسؤول الادعاء أنه لا يعلم فالحقائق معروفة والتقارير عن قصف المدارس والمستشفيات واستخدام الغذاء والدواء سلاحاً تصدر عن منظمات دولية ونوايا القادة الإسرائيليين منشورة، وتقال على رؤوس الأشهاد، ولذلك، فإن عدم التدخل لوقف العدوان هو فضيحة كبرى".
واعتبر أنه لا يوجد شريك إسرائيلي للسلام في عهد الحكومة الإسرائيلية الحالية، مضيفاً: "لا توجد عملية سلام وإنما عملية إبادة".
دور قطر في الوساطة
وقال أمير قطر إن بلاده اختارت الاضطلاع بجهود الوساطة بين إسرائيل وحركة "حماس"، سعياً منها لوقف العدوان على غزة وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين.
أعربت قطر عن استنكارها الشديد لتصريحات منسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن دورها في الوساطة في حرب غزة.
وتابع: "إنها وساطة في ظل حرب شرسة وظروف معقدة لا يتورع خلالها طرف عن اغتيال القيادات السياسية التي يفاوضها، وهكذا اغتيل إسماعيل هنية الذي يتناسى كثيرين أنه لم يكن القائد السياسي لحركة حماس فحسب، بل كان أيضاً أول رئيس وزراء فلسطيني منتخب".
وقال "الوساطة والعمل الإنساني هما خيار قطر السياسي والاستراتيجي على المستوى الإقليمي والدولي وواجبنا الإنساني".
وأشار إلى أن جهود الوساطة بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة أثمرت عن "عقد اتفاق هدنة إنسانية في نوفمبر، أدى إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح 240 أسير فلسطيني و109 من المحتجزين في غزة، ورفع مستوى شحنات الإغاثة كما قدمنا الدعم الإنساني للمدنيين في غزة وأسهمنا في إجلاء الجرحى والمرضى ورفعنا من مستوى دعمنا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
وأشاد أمير قطر بأونروا، وقال: "هذه الوكالة الدولية التي لا يمكن الاستغناء عن خدماتها، وتعرضت لافتراءت سياسية متعلقة برغبة إسرائيل في تصفية قضية اللاجئين دون حل قضية فلسطين".
وقال: "رغم التحديات الجسيمة ومحاولات العرقلة وما نتعرض له من افتراءات، نواصل جهدنا في التوصل لحل النزاعات بالطرق السلمية، وندرك أن أي نزاع لا يخلو من قوى معنية باستمراره ومشككة بأي وساطة مهما كانت النوايا".
وتعهد بـ"بذل الجهد مع شركائنا حتى التوصل لوقف إطلاق النار الدائم وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين والتوجه لمسار الحل العادل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وفي مقدمته دولته المستقلة على حدود 1967".
واعتبر أن قيام دولة مستقلة هو في مصلحة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
"قضية سكان أصليين ضد نظام فصل عنصري"
وقال أمير قطر أمام الجمعية العامة: "كل عام أقف هنا، وأبدأ كلمتي بالحديث عن قضية فلسطين وغياب العدالة ومخاطر الاعتقاد بأنه يمكن تجاهلها، وأوهام السلام من دون حلها، حلاً عادلاً، فعلت ذلك كل عام في الوقت الذي باتت فيه قضية فلسطين تغيب عن ممثلي قوى رئيسية في عالمنا".
وأشار أمير قطر إلى أنه "ثمة من يغريه احتمال تهميش هذه القضية والاستراحة من همها أو زوالها من دون حلها، لكن قضية فلسطين عصية على التهميش، لأنها قضية سكان أصليين على أرضهم يتعرضون لاحتلال استيطاني إحلالي".
وذكر أن الاحتلال الإسرائيلي "بات يتخذ شكل نظام فصل عنصري في القرن 21 فهل يمكن تجاهل ذلك؟".
وشدد على أن قضية فلسطين "لن تزول إلا في حالتين، إما زوال الاحتلال أو زوال الشعب الفلسطيني، ويبدو أن في إسرائيل من يمني النفس بالقضاء على هذا الشعب".
وتابع: "العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عام ليس إلا محصلة غياب إرادة صادقة وتقاعس دولي متعمد عن حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وإصرار السلطات الإسرائيلية المحتلة على فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين والعالم بكل أنواع القوة".
"تفصيل المنطقة على قياس إسرائيل"
واعتبر أمير قطر أن "الحرب الوحشية الجارية، أطلقت رصاصة الرحمة على الشرعية الدولية، وأحدثت أضراراً فادحة بمصداقية المفاهيم التي قام على أساسها المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وكأن النتائج الوخيمة لهذا النهج لا تكفي لإثبات أن تجاهل الحل العادل يقود إلى كارثة".
وتابع: "نكتشف غير مصدقين أن البعض ما زال يحاول البحث عن تدابير مبتكرة لإدارة غزة بعد الحرب بسلطة، أو من دون سلطة من منطلقات أمنية فحسب".
وأشار إلى أن هذه هي "نفس الطريقة التي قادت من كارثة لأخرى إنه النهج الذي يريد تفصيل المنطقة كلها على قياس إسرائيل، ويبحث عن طرق التفافية لتجنب إنهاء الاحتلال، وفرض حكم شعب على شعب آخر بالقوة".
وتساءل: "أيعقل أنه حتى بعد هذه الكارثة لم تستنتج الدول الكبرى القادرة على التأثير في سير الأحداث ضرورة وقف الحرب؟".
وقال: "يجب التوجه إلى الحل العادل على الفور بدلاً من التفنن في الصياغات للتهرب منه".
عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
وشدد على أن "زوال الاحتلال وممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير ليست منة أو مكرمة من أحد ومن المؤسف فشل مجلس الأمن في تنفيذ قراره بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، أو أن يمتنع عن منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة رغم موافقة الجمعية العامة في مايو الماضي على طلب فلسطين لهذه العضوية".
قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الثلاثاء، إن قطر ما زالت مستمرة في بذل الجهود لعودة العمل بالهدنة في قطاع غزة.
وقال إن الحصول على العضوية ليس تحقيقاً لسيادتها أو تصفية للاحتلال، ولكنه على الأقل "يرسل رسالة لحكومة اليمين المتطرف الضالعة في تحدي الشرعية الدولية بأن القوة لا تلغي الحق".
واعتبر أن الحديث عن أضرار مثل هذه الخطوة بعملية السلام، هو "ّذر للرماد في العيون". وقال إنه "لا يوجد شريك إسرائيلي للسلام في عهد الحكومة الإسرائيلية الحالية، ولا توجد عملية سلام وإنما عملية إبادة".
وثمن أمير قطر في هذا الصدد "الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، على حدود 1967".
"وصمة عار"
واعتبر أن استمرار المأساة الفلسطينية منذ أكثر من 75 عاماً "وصمة عار في جبين المجتمع الدولي، ولا معنى للحديث عن الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والعالم بأسره إذا لم ترافقه خطوات عينية تقود إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الاحتلال"
وقال: "لا يخفى عليكم أننا أمام كارثة إنسانية في غزة والأراضي الفلسطينية التي تتعرض لهجمات منسقة من جيش الاحتلال، والمستوطنين لفرض خطط لتوسيع الاستيطان وضم الضفة الغربية وتهويد القدس".
وتابع: "يتحمل المجتمع الدولي تبعات ما يحدث للشعب الفلسطيني الشقيق، الذي يتعرض لحرب إبادة ترتب عليها سقوط 41 ألف شهيد، عدا المفقودين تحت الأنقاض، وبينهم 17 ألف طفل و11 ألف امرأة و100 ألف مصاب منهم آلاف المصابين بإعاقة وتشريد الملايين عدة مرات وتدمير كامل للبنية التحتية من مدارس ومستشفيات ومبان والكنائس والمساجد".
وتابع: "خلال الإبادة الجماعية تجري عملية تدمير مجتمع بأسره، إنه المجتمع الفلسطيني الغزي الذي حافظ على رقيه، وحقق درجة مثيرة للدهشة من التطور في ظل حصار خانق منذ أكثر من 17 عاماً"