- قطع الاتصال وغابت المعلومات منذ ليل الخميس الجمعة عن رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين المرشّح لخلافة الأمين العام حسن نصرالله، بعد أن قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه استُهدف بدوره بغارات عنيفة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ويعيد اختفاء صفي الدين وانقطاع صلته بحزب الله مخاوف من مقتله في الغارات الإسرائيلية، وفي نفس الوقت يطرح تساؤلات حول سهولة استهداف وتصفية قادة الصف الأول للحزب من عسكريين ومدنيين، وارتباطها بوجود اختراق كبير ونوعي داخل الحزب.
وتثار شكوك حول وجود جهة مهمة في الحزب أو من المتعاملين معه من قادة الحرس الثوري الإيراني تقوم بتسريب إحداثيات دقيقة لإسرائيل لتنفيذ استهدافاتها النوعية. وبدأت تلك الشكوك بشأن هوية العميل منذ قصف القنصلية الإيرانية في دمشق ما أدّى إلى مقتل عناصر نوعية من الحرس الثوري ثم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران وفي ذروة الاستنفار الأمني الإيراني لنقل الرئاسة إلى مسعود بزشكيان، ولاحقا تصفية فؤاد شكر القيادي العسكري الأول في حزب الله ثم قادة فرقة الرضوان الخاصة ثم نصرالله.
◄ الاغتيالات التي تمت في توقيت متقارب تظهر أن إسرائيل تمتلك خارطة تفصيلية لهيكلة حزب الله وتحركات قادته
وتظهر الاغتيالات التي تمت في توقيت متقارب وتحت وقع القصف أن إسرائيل تمتلك خارطة تفصيلية لهيكلة حزب الله وتحركات قادته واجتماعاتهم. وما يزيد من الشكوك في وجود اختراق على مستوى كبير، أن العمليات كانت تتم بالرغم من استنفار حزب الله لتأمين قادته وتجنب استهدافهم خاصة بعد مقتل إبراهيم عقيل وفريق الصف الأول لفرقة الرضوان.
وقال مصدر رفيع من حزب الله لوكالة فرانس برس السبت إن الاتصال مع رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين “مقطوع” منذ سلسلة الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية الجمعة.
وأوضح المصدر من دون الكشف عن هويته أن “الاتصال مع السيد صفي الدين مقطوع منذ الغارات العنيفة على الضاحية”، مضيفا “لا نعلم إذا كان موجودا في المكان الذي استهدفته الغارات، ومن كان موجودا معه”.
وبحسب المصدر ذاته، فإن صفي الدين “كان برفقة قائد الاستخبارات في حزب الله” المعروف باسم الحاج مرتضى.
وأعلن الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة أنه قصف “بشكل موجّه بدقة مقرّ الاستخبارات المركزي لحزب الله” في ضاحية بيروت الجنوبية.
وأحدثت الغارات دويا قويا اهتزت معه الأبنية ووصل صداه وفق شهود عيان إلى مناطق تقع خارج نطاق بيروت وضواحيها.
واعتُبر صفي الدين المرشّح الأوفر حظا لخلافة حسن نصرالله بسبب علاقته الوثيقة مع إيران الداعمة لحزب الله، وقربه على الصعيدين الشخصي والحزبي، من نصرالله. ومما عزز احتمالات اختياره أمينا عاما، موقعه على رأس المجلس التنفيذي المشرف على الهيكلية التنظيمية للحزب.
أمل سعد: التداول باسم صفي الدين كخليفة محتمل لنصرالله بدأ منذ سنوات
أمل سعد: التداول باسم صفي الدين كخليفة محتمل لنصرالله بدأ منذ سنوات
وقد أعد صفي الدين “بصريا” لخلافة نصرالله في حال استهدافه بحكم أنه سيد ولديه شبه كبير بنصرالله، وفي الكثير من الأحيان لا يفرّق المصورون وبعض الصحافيين بينهما كما في تلك الصورة التي وزعت عند مقتل إبراهيم عقيل قائد قوة الرضوان.
ومن الواضح أن حزب الله ومن خلفه إيران كانا حريصين على أن يكون خليفة نصرالله يشبهه شكلا ومضمونا للإبقاء على التأثير النفسي للأمين العام على أتباع الحزب، لكن هل يكفي التشابه في الشكل وطريقة الكلام لملء الفراغ الذي سيتركه نصرالله.
وينتخب مجلس الشورى، وهو أعلى هيئة في الحزب، الأمين العام.
لم يصدر عن المجلس أيّ إعلان بشأن خلافة نصرالله خلال الأسبوع الماضي. ويُفترض أن نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم هو الذي يتولّى حاليا مهام الأمين العام، كإجراء تلقائي بعد الشغور في سدة القيادة الذي أعقب مقتل نصرالله.
ويضع صفي الدين (60 عاما) الذي عمّ الشيب لحيته، العمامة السوداء مثل نصرالله، وهي التي يعتمرها رجال الدين الشيعة.
وأكمل صفي الدين دراساته الدينية في قم في إيران، وابنه متزوج من زينب سليماني، ابنة قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني الذي قتل بضربة أميركية في بغداد في العام 2020. ويتولى شقيقه عبدالله، مسؤولية مكتب حزب الله في إيران.
ويخضع هاشم صفي الدين لعقوبات من الخزانة الأميركية منذ العام 2017، على غرار قياديين كثر من الحزب موضوعين على لائحة “الإرهاب”. وهو مدرج كذلك على اللائحة السعودية “للإرهاب”.
وتقول الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف والخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد إن التداول باسم صفي الدين كخليفة محتمل لنصرالله بدأ منذ سنوات.
وتوضح أن من شروط تولّي الأمانة العامة “أن يكون القائد الجديد عضوا في مجلس الشورى الذي يضمّ عددا محدودا من الأعضاء، ويجب أن يكون شخصية دينية، وشخصا يمتلك بالفعل الكثير من السلطة”.
اقرأ أيضا:
• الحاضر والمستقبل.. إيران وإسرائيل
• هل بدأ العد التنازلي لحرب موسعة في الشرق الأوسط
وتضيف أن صفي الدين يملك تلك الصفات، إذ “لديه الكثير من السلطة بعد نصرالله”، لذا اعتُبر “المرشح الأقوى”. كما أنه “شخصية دينية من جنوب لبنان الذي يأتي منه معظم قادة حزب الله”.
وصفي الدين من مؤسسي حزب الله في العام 1982، ويشغل منصبه الحالي منذ 1994.
وفي ما كان اهتمام نصرالله ينصبّ على الجانبين السياسي والعسكري في الحزب، انكب صفي الدين على الاهتمام أكثر بمؤسسات الحزب وماليته، وفق خبراء.
وبخلاف نصرالله الذي كان ظهوره علنا في مناسبات الحزب نادرا خلال السنوات الأخيرة، شارك صفي الدين بصفته رئيس المجلس التنفيذي، في مناسبات عدة للحزب، سياسية ودينية، وغالبا ما تقدّم الصفوف الأمامية في فعاليات اعتاد نصرالله التحدّث خلالها عبر الشاشة.
ومنذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل قبل نحو عام، شارك صفي الدين مرارا في مراسم تشييع أو تأبين قياديين وعناصر من الحزب قتلوا بنيران إسرائيلية. ويبدو هادئ الطباع.
وخلال تشييع القيادي في حزب الله محمّد ناصر في الضاحية الجنوبية لبيروت في يوليو، قال صفي الدين إن الجنوب “سيبقى يحرسه.. الآلاف من المجاهدين الأبطال.. لا يتخيّل العدو أنه بعد استهداف هؤلاء الأبطال سيكون الجنوب أمامه مستباحا أبدا”.
وأضاف “في مقاومتنا، لا تسقط راية ولا تختلّ جبهة ولا تضعف مواجهة. فحين يرتقي أيّ قائد شهيدا، يستلم الراية آخر ويمضي بعزم جديد ومؤكد وقوي”.