بعد مرور أكثر من عام على حرب غزة، أُنهكت قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الذي يواجه صعوبات في التجنيد في حين فتح جبهة جديدة مع لبنان ما يشكل ضغطا إضافيا على الجنود الذين يطالبون بإنهاء الحرب.
ومنذ هجوم السابع من أكتوبر استدعى الجيش نحو 300 ألف جندي احتياطي، 18 في المئة منهم رجال فوق سن الـ40 عاما وكان ينبغي إعفاؤهم من الخدمة.
وفي إسرائيل، تعد الخدمة العسكرية إلزامية اعتبارا من سن الـ18 عاما للرجال والنساء على حد سواء، وهناك عدة استثناءات.
وتقاتل إسرائيل اليوم على جبهتين في قطاع غزة وضد حزب الله في لبنان. وقُتل منذ بدء هجومها البري في قطاع غزة في السابع والعشرين من أكتوبر من العام الماضي 367 جنديا. فيما قتل على الجبهة الشمالية مع لبنان 37 جنديا منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية في الثلاثين من سبتمبر الماضي.
واضطر الجيش إلى تمديد فترة الخدمة الاحتياطية فيما يشكو بعض جنود الاحتياط من عدم القدرة على الاستمرار في حياتهم الطبيعية لستة أشهر متواصلة.
الحرب المستمرة أذكت الجدل العام حول تجنيد اليهود الأرثوذكس المتشددين الذين تم إعفاء الكثير منهم من الخدمة العسكرية
ويقول جندي الاحتياط أريئيل سيري ليفي في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي أعيدت مشاركته الآلاف من المرات “الوضع يتجاوز قدرتنا على الاحتمال”.
ويقول ليفي إنه تم استدعاؤه أربع مرات منذ هجوم حماس قبل عام، ويضيف منتقدا أولئك الذين يريدون بقاء إسرائيل في لبنان وغزة “علينا أن ننهي هذه الحرب لأنه لم يعد لدينا جنود”، مؤكدا أنه ما زال يؤمن بخدمة الوطن لكن “التنازلات أصبحت كبيرة للغاية”.
ويقول جندي احتياط آخر وهو أب لطفلين لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته إن “خسارة وظيفتي تضاف إلى الإرهاق الجسدي والمعنوي”.
واضطر العديد من العاملين في مصالح خاصة إلى إغلاقها بسبب الحرب حتى لو ضمنت الحكومة حدا أدنى من الدخل لجنود الاحتياط.
ويضيف جندي الاحتياط “ما زال الإيمان بالمصلحة العامة فوق مصلحة الفرد لكن التكلفة كبيرة جدا بالنسبة لعائلتي”، مشيرا إلى أنه أمضى نحو ستة أشهر في غزة هذا العام.
وأذكت الحرب المستمرة الجدل العام حول تجنيد اليهود الأرثوذكس المتشددين الذين تم إعفاء الكثير منهم من الخدمة العسكرية.
ويمثل اليهود المتشددون 14 في المئة من السكان اليهود في إسرائيل، وفقا لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، أي نحو 1.3 مليون شخص. ووفقا للجيش فإن نحو 66 ألفا ممن هم في سن التجنيد منهم، معفيون من الخدمة.
الجيش استدعى منذ هجوم السابع من أكتوبر نحو 300 ألف جندي احتياطي، 18 في المئة منهم رجال فوق سن الـ40 عاما
وبموجب حُكم تم تبنيه عند إنشاء إسرائيل عام 1948 وكان ينطبق حينها فقط على 400 شخص، تم إعفاء اليهود المتشددين تاريخيا من الخدمة العسكرية ليكرسوا وقتهم لدراسة النصوص اليهودية المقدسة.
وفي يونيو الماضي، أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بتجنيد طلاب المدارس الدينية بعد أن قررت أن الحكومة لا يمكنها الاستمرار في الإعفاء “دون إطار قانوني مناسب”.
ودعت الأحزاب السياسية المتشددة في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مثل هذا الإطار قبل التصويت على الميزانية في نهاية العام.
وقال أرييه درعي، زعيم حزب شاس اليهودي المتطرف، إنه يأمل في “حل مشكلة تجنيد” طلاب المعاهد الدينية.
ووقّعت نحو 2000 من زوجات الجنود الاحتياط من الحركة الصهيونية الدينية التي تجمع بين أسلوب الحياة الديني والمشاركة في الجيش، على رسالة مفتوحة تطالب “بتخفيف العبء عن أولئك الذين يخدمون”.
وقالت الأكاديمية تهيلا إليتسور، وهي والدة لجندي احتياط وزوجة لآخر، لصحيفة يديعوت أحرونوت “لا يوجد تعارض بين دراسة التوراة والخدمة العسكرية، فكلاهما يسيران جنبا إلى جنب”.
وقُتل بين الثاني والعشرين والثامن والعشرين من أكتوبر ستة جنود تطوعوا للخدمة رغم أهليتهم للحصول على إعفاءات من القتال، ومن بينهم أب لعشرة أطفال.
ويقول الحاخام ديفيد زينو (52 عاما) الذي حارب 250 يوما هذا العام، بما في ذلك عدة أسابيع في لبنان “إنه لشرف لي أن أخدم بلدي، وسأواصل القيام بذلك لأطول فترة ممكنة”.
ويضيف الأب لسبعة أبناء والجد لستة آخرين “قبل كل شيء، دعونا لا ننسى أن هذه حرب وأننا نعاني من نقص في الجنود”.