أثارت الضربات الموجعة التي وجهها الجيش الإسرائيلي لميليشيا بعد اعتماده سياسة "الأرض المحروقة"، وتراجع أعداد الصواريخ التي يطلقها الحزب باتجاه العمق الإسرائيلي تساؤلات حول قدرات الحزب العسكرية.
واعتمد الجيش الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة من خلال تفجير المباني في البلدات الحدودية وسط تراجع لإطلاق الصواريخ من قبل ميليشيا حزب الله التي تقدر ما بين 120 و150 صاروخًا يوميًّا، بعد أن وصلت في أغسطس الماضي إلى أكثر من 300 صاروخ يوميًّا.
الحزب شبه منهار
ويرى الخبير العسكري عبد الكريم أحمد أن حزب الله رغم الضربات التي تلقاها على مدى شهر ونصف تقريبًا أضعفت قوته الأساسية بنسبة كبيرة قد تصل إلى النصف على أقل تقدير، خاصة بعد استهداف مخازن ومصانع للصواريخ والذخائر في مختلف الأراضي اللبنانية، ومن دون شك بأن منسوب الصواريخ تدنى أيضًا كونه على ما يبدو نشر هذه الصواريخ المتنوعة في أكثر من منطقة لمواجهة أي عملية عسكرية محتملة، ليس في الجنوب فقط.
ويعتقد الخبير العسكري خلال حديثه لـ "إرم نيوز"، أن هذا يفسر تقشف حزب الله بعمليات إطلاق الصواريخ، خاصة مع قدرته على الدعم اللوجستي ودعم جبهاته بما لزمها بسبب التفوق الجوي الإسرائيلي، وأنه بهذا التقشف المتمثل بخفض عدد الصواريخ من 200 إلى أقل من 80 يوميًّا وغالبية الصواريخ من الصواريخ التقليدية كالغراد والكاتيوشا يهدف إلى ضمان استمراريته لفترة أطول إلى حين التوصل إلى الحل السياسي الذي يضمن له الخروج بصورة مشرفة، بدلًا من إفراغ مخزونه وانكشافه وفقدانه لورقة الضغط الوحيدة التي يمتلكها منذ بدء الحرب.
من جانبه قال العقيد المتقاعد في جميل أبو حمدان لـ "إرم نيوز"، إن حزب الله شبه منهار في الوقت الحالي، ولو استمرت الأمور على الأرض على ما هي عليه، فإنه سيتعرض للهزيمة الكاملة من دون شك.
ويبرر أبو حمدان كلامه بأن ما تقوم به القوات الإسرائيلية من تدمير ممنهج ومدروس للقرى الحدودية يؤكد خلو هذه المنطقة من أي عنصر من الحزب، والاستهدافات التي تتعرض لها فرقه ودباباته تتم من مسافات بعيدة جدًّا من خلال صواريخ موجهة مصادرة للدروع وصواريخ تقليدية.
وقدر الخبير المسافة التي تطلق منها بأكثر من عشرة كيلومترات على أقل تقدير، وهذا يدل وبوضوح على مقتل وانسحاب عناصر الحزب كليًّا من هذه المناطق، خاصة أن عناصر الجيش الإسرائيلي يقومون بعمليات تفخيخ دقيقة تحتاج إلى الوقت الكبير لإنجازها.
اختلال مخزون الصواريخ
أما بالنسبة إلى انخفاض عدد الصواريخ التي تُطلق يوميًّا إلى الداخل ، فيقول أبو حمدان، إن العدد الذي رُوِّج له ضُخِّم بشكل كبير جدَّا، وبصرف النظر عن العدد إلا أن هذه الصواريخ تشمل صواريخ طويلة المدى وعددها لا يتعدى الـ 500 كيلومتر، ومثلها الصواريخ الموجهة التي لها مدى أقل من 4000 صاروخ متوسط المدى لا تتعدى 150 كلم، أما الكمية الأكبر فتتمثل بالصواريخ القصيرة المدى التي لا تتعدى 40 كلم ومعها صواريخ مضادة للسفن والدبابات وقذائف الهاون.
وأضاف أبو حمدان أن ما يؤكد اختلال مخزون الصواريخ هو قيام الحزب بمحاولة نقل الصواريخ من مناطق البقاع إلى الجنوب، وانكشاف العملية من خلال استهداف الشاحنات التي تنقلها على الطريق الدولي التي تربط البقاع ببيروت والجنوب.
كما أن إسرائيل، وفقًا للخبير، ولزيادة عملية التطويق استهدفت في سوريا مستودعات ومصانع الحزب العسكرية، بالإضافة إلى اغتيال مسؤولي الفرقة 4400، وهي الفرقة المسؤولة عن الإمداد وعملية نقل المعدات العسكرية إلى الداخل اللبناني، ولفت إلى أن الحزب خلال سنة من حرب الإسناد أطلق نحو 12 ألف صاروخ من الأنواع جميعها وأطلق منذ بدء العملية البرية 6500 تقريبًا.
ويشير الخبير العسكري إلى أن القدرات البشرية اهتزت أيضًا لدى الحزب، فهو بعد أسبوع من اندلاع المواجهات في الجنوب توقف عن الإعلان عن عدد قتلاه، "إذ تشير التقديرات إلى خسارته 1500 عنصر على الأقل، يضاف إليهم 600 سقطوا منذ بدء حرب الاسناد في العام 2006"، وهذا رقم كبير جدًّا، خاصة أنه لا يشمل القيادات التي تمت تصفيتها، ولا الذين سقطوا بانفجار أجهزة الاتصال اللاسلكي والبيجر، وبحسبة بسيطة، فإن العدد قد يصل إلى 4000 على أقل تقدير.