اعتبرت مصادر في حركة "حماس" الفلسطينية لـ"الشرق"، أن التسريبات الأميركية بشأن مطالبة قطر بترحيل قيادات الحركة، "واحدة من أدوات الضغط عليهم لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين وفق شروط إسرائيل"، مشيرة إلى أن "هذه ليست المرة الأولى التي تلوح فيها الإدارة الأميركية بهذا الخيار".
ورجحت المصادر أن تكثف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ضغوطها على الحركة في هذه المرحلة في محاولة منها للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى قبل مغادرتها البيت الأبيض، وتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترمب مهامه في العشرين من يناير المقبل.
وأكدت عدة مصادر في "حماس" لـ"الشرق"، أن قيادة الحركة لم تتلق أي طلبات من قطر بهذا الشأن.
وتقيم قيادات "حماس" في قطر منذ خروجها من سوريا في عام 2011 بناءً على تفاهمات عُقدت بين قطر من جهة وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية تتعلق بحدود هذه الاستضافة.
واستبعدت المصادر حدوث ضغط أميركي "جدي" على قطر من أجل ترحيل قيادات "حماس" في هذه المرحلة بسبب الدور المركزي الذي تلعبه الدوحة في مفاوضات تبادل الأسرى التي حققت تقدماً كبيراً في الفترة الماضية، ووصلت حد التوافق على ورقة مقدمة من الجانب الأميركي في الثاني من يوليو الماضي، والتي فشلت بعد تراجع الجانب الإسرائيلي عنها.
وقالت المصادر، إن خطوة من نوع الضغط على قطر لإخراج قيادات حركة "حماس" ستترك أثرها على مفاوضات غزة، "وهو ما ليس في مصلحة أميركا وإسرائيل".
واستشهدت مصادر الحركة، بنموذج مكتب حركة "طالبان" الأفغانية، الذي ظل مفتوحاً في قطر أثناء قيام الحركة بقتال الوجود الأميركي، وساهم في لعب دور مركزي في التفاهمات التي جرى بموجبها الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
خطط بديلة
وكانت "حماس" أعدت في وقت سابق خططاً بديلة "ب" و"ج" في حال اضطرت قيادتها للخروج من العاصمة القطرية لأي سبب كان. ومن هذه الخطط التوجه إلى تركيا أو إيران أو لبنان.
وتعتقد قيادة "حماس" أن تركيا مكاناً مناسباً لإقامة قيادتها التي تتردد بصورة دائمة على أنقرة، وتقيم علاقة وثيقة مع القيادة التركية وأجهزة الدولة. وفي حال تعثر إقامتها في تركيا، فإن أحد الخيارات المطروحة أمام الحركة هي إيران.
ويرى مراقبون أن إقامة قيادة حركة "حماس" في إيران، قد لا يكون في مصلحة كل من إسرائيل والإدارة الأميركية لأنه سيعزز تيارات المواجهة العسكرية في حركة "حماس" على حساب التيارات الباحثة عن مقاربات سياسية.
وتنامت شعبية حركة "حماس" في الشارع الفلسطيني في السنة الأخيرة بسبب قدرتها على المواجهة والصمود في فترة الحرب الطويلة الجارية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة. وترى أوساط غربية أن الحركة مرشحة للعب دور سياسي مهم في المشهد الفلسطيني بعد الحرب، وهو أمر ربما يصبح أكثر صعوبة في حال أقامت قيادتها في إيران.
ورقة المحتجزين الإسرائيليين
وعرضت الإدارة الأميركية مؤخراً، قبيل الانتخابات، مشروع اتفاق لتبادل عدد من المحتجزين الإسرائيليين من النساء وكبار السن مع عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل وقف مؤقت للحرب لمدة 28 يوماً. لكن "حماس" رفضته إذ أنه لم يتضمن أي إشارة لوقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.
ويشكل المحتجزون الإسرائيليون في قطاع غزة، الورقة الأكثر أهمية في سعي حركة "حماس" لوقف الحرب وتحقيق انسحاب إسرائيلي من القطاع.
وقالت مصادر في حركة "حماس" إن الإدارة الأميركية تحاول فرض اتفاق من هذا القبيل على الحركة قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض، مؤكدة أنها لن تتوصل إلى أي اتفاق بشأن تبادل الأسرى ما لم يبدأ بوقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع ضمن جدول زمني واقعي.
كان مسؤول بالبيت الأبيض، قال لـ"الشرق"، الجمعة، إن الإدارة الأميركية أبلغت قطر أن وجود قادة حركة "حماس" الفلسطينية في الدوحة، "لم يعد مقبولاً"، بعد رفض الحركة للمقترحات الأميركية لإطلاق سراح المحتجزين.
قال مسؤول بالبيت الأبيض لـ"الشرق"، الجمعة، إن الإدارة الأميركية أبلغت قطر أن وجود قادة حركة "حماس" الفلسطينية في الدوحة، لم يعد "مقبولاً"
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته: "حماس جماعة إرهابية قتلت أميركيين وما زالت تحتجز أميركيين كرهائن. وبعد رفض الاقتراحات المتكررة بإطلاق سراح الرهائن، لا ينبغي لقادتها أن يكونوا موضع ترحيب في عواصم أي شريك أميركي. وقد أوضحنا ذلك لقطر في أعقاب رفض حماس قبل أسابيع لاقتراح آخر لإطلاق سراح الرهائن".
وأوضح أن الدوحة "لعبت دوراً لا يقدر بثمن في المساعدة بالتوسط بصفقة الرهائن"، و"كان لها دوراً فعالاً في تأمين إطلاق سراح ما يقرب من 200 رهينة العام الماضي".
وتابع المسؤول: "ولكن في أعقاب رفض حماس المتكرر إطلاق سراح ولو عدد صغير من الرهائن، بما في ذلك في الآونة الأخيرة خلال الاجتماعات التي عقدت في القاهرة، فإن استمرار وجودهم في الدوحة لم يعد قابلاً للاستمرار أو مقبولاً".