أسقطت موسكو مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار في السودان، في جلسة شهدت تراشقا روسيا بريطانيا.
وقالت الأمم المتحدة، على موقعها الرسمي على الانترنت، إن مجلس الأمن الدولي فشل في اعتماد مشروع قرار، مُقدم من بريطانيا وسيراليون، بشأن السودان بعدما استخدمت روسيا الفيتو (حق النقض).
وأوضحت الأمم المتحدة أن القرار "يُطالب القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باحترام التزاماتهما في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وتنفيذها بشكل كامل، بما في ذلك اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين".
وأضافت: "يدين مشروع القرار استمرار اعتداءات قوات الدعم السريع في الفاشر (عاصمة شمال دارفور في غرب السودان) ويطالبها بالوقف الفوري لجميع هجماتها ضد المدنيين في دارفور، وولايتي الجزيرة (وسط) وسنار (شرق) وأماكن أخرى".
كما دعا المشروع أطراف النزاع إلى "وقف الأعمال العدائية فورا والدخول بحسن نية في حوار للاتفاق على خطوات وقف تصعيد النزاع للاتفاق بصورة عاجلة على وقف إطلاق النار على المستوى الوطني".
مشاورات مُغلقة
وفور بدء اجتماع مجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار، طلب المندوب الفرنسي لدى المجلس إجراء مشاورات مغلقة بين الأعضاء لتسوية خلافاتهم حول مسودة القرار لضمان اعتماده، فاقترحت سفيرة بريطانيا، التي تتولى رئاسة المجلس، تعليق الاجتماع للتشاور، وهو ما تقرر بعدما لم يُبد أي من الأعضاء معارضته.
وبعد عدة دقائق من التشاور، عاد الأعضاء إلى قاعة مجلس الأمن وتم التصويت على مشروع القرار.
وأيد 14 عضوا من أعضاء مجلس الأمن الـ15، المشروع، لكن لم يتمكن المجلس من اعتماده بسبب استخدام روسيا، أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس، للفيتو.
انتقاد بريطاني
وبعد التصويت، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، إن المدنيين السودانيين عانوا من عنف لا يمكن تصوره خلال الحرب، وهذه المعاناة "ندبة على الضمير الجماعي".
وأضاف لامي: "في وجه هذه الأهوال عملت المملكة المتحدة وسيراليون لجمع هذا المجلس معا لمعالجة هذه الأزمة والكارثة الإنسانية لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية والدعوة لوقف إطلاق النار (لكن) دولة واحدة وقفت في طريق تحدث المجلس بصوت واحد"، منتقدا عرقلة روسيا لاعتماد القرار.
رد روسي
وبينما كان لامي يلقي كلمته موجها نقدا لاذعا لروسيا، أبدى نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي عدم اكتراث بكلمة الوزير البريطاني، إذ ظل يتفحص هاتفه المحمول.
ورد بوليانسكي، على لامي، منتقدا ما أسماه "الاستعمار البريطاني الجديد"، وقال: "كل من سمع خطابه يدرك لماذا تخسر المملكة المتحدة نفوذها وقوتها".
وفسر نائب السفير الروسي تصويت بلاده ضد مشروع القرار، قائلا إن "موسكو تتفق مع جميع أعضاء المجلس على الحاجة لحل عاجل للصراع في السودان، والحل الوحيد لذلك هو اتفاق الجانبين المتحاربين على وقف إطلاق النار".
وأضاف بوليانسكي: "نؤمن بأن دور مجلس الأمن يتمثل في مساعدة الطرفين على تحقيق ذلك، ولكن يجب أن يتم ذلك بشكل متسق ومنفتح، وألا يُفرض على السودانيين، عبر قرار من مجلس الأمن، رأي أعضائه المنفردين مطعما بنزعة ما بعد الاستعمار حول كيف يجب أن يكون شكل الدولة المستقبلية".
واعتبر أن المشكلة الرئيسية في مشروع القرار البريطاني تتمثل في الفهم الخاطئ لمن يتحمل المسؤولية عن حماية المدنيين في السودان وأمن الحدود والسيطرة عليها ومن يجب أن يتخذ قرار دعوة قوات أجنبية إلى البلاد ومع من يجب أن يتعاون مسؤولو الأمم المتحدة لمعالجة المشكلات القائمة.
وأوضح أن حكومة السودان فقط هي التي يجب أن تقوم بهذا الدور، وقال "لكن واضعي مشروع القرار البريطانيين يحاولون بوضوح سلب هذا الحق من السودان، فخلال كل مراحل العمل على مسودة مشروع القرار، بذلوا كثيرا من الجهد ليزيلوا من المسودة أي ذكر للسلطة الشرعية للسودان في أي من النقاط الرئيسية"