مع سريان وقف إطلاق النار تحول اهتمام المسؤولين اللبنانيين إلى مسألة إعادة الإعمار، وهو ما يثير التساؤل عن الدول المساهمة وما إذا كانت دول الخليج ستأخذ على عاتقها هذه المرة أيضا مهمة إعادة الإعمار، وهو ما يبدو مستبعدا إذ ما الفائدة إذا عاد الخليجيون بالأموال وعادت إيران بالأسلحة ووسائل فرض النفوذ، في تكرار لسيناريو ما بعد حرب 2006.
ومن المتوقع أن يزور المسؤولون اللبنانيون، وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، دول الخليج، حاملين معهم أرقام تكاليف ما تم تدميره، وهي أرقام ترتفع من مسؤول إلى آخر بين من يقدرها بـ15 مليار دولار ومن يقول إنها تتجاوز 50 مليار دولار، مراهنين على أن الخليجيين سيكونون أوفياء ككل مرة لإنقاذ لبنان ومساعدته في محنته.
المسؤولون اللبنانيون يراهنون على أن الخليجيين سيكونون أوفياء ككل مرة لإنقاذ لبنان ومساعدته في محنته
لكن متابعين للشأن الخليجي يقولون إن الأمر يختلف هذه المرة، حيث سبق أن نبه الخليجيون المسؤولين اللبنانيين المتعاقبين إلى ضرورة أن يحلوا سيطرة حزب الله ونفوذ إيران المتزايد بأنفسهم، وأن يضغطوا ليغيروا هذا الواقع عبر الآليات الدستورية أو التحالفات الحزبية، ومختلف أشكال الضغط المتاحة، لكن الطبقة السياسية اللبنانية فضلت مجاراة نفوذ حزب الله وسيطرته على المشهد والتقرب إليه، وعليها أن تتحمل نتائج ذلك.
ويشير المتابعون إلى أنه من غير المقبول أن تنفق دول الخليج المليارات ككل مرة ثم يعود المشهد كما هو. صحيح أن اللبنانيين يراهنون على كرم الخليجيين وتغاضيهم عن تفاصيل الإساءات التي حصلت في سنوات ماضية، لكن الأمر في لبنان تحول إلى ما يشبه اللعبة السمجة؛ الخليجيون يعيدون إعمار ما تهدم، وإيران تعود إلى شحن حزب الله كي يخوض الحرب مع إسرائيل وتعود العملية كلها إلى مربع الصفر.
وكانت دول الخليج قد نددت بما قامت به إسرائيل في لبنان من غزو وتدمير وتحميل المدنيين مسؤولية ذلك، لكن انتقاد إسرائيل لا يعني أن الخليجيين يدعمون ما قام به حزب الله أو حماس.
وتتوقع أوساط سياسية خليجية متابعة أن تؤكد القمة الخليجية المقرر عقدها الأحد في الكويت موقفا خليجيا موحدا ضد الحرب وتدمير لبنان وغزة، لكن من الصعب أن يصدر موقف واضح بشأن تمويل إعادة الإعمار في لبنان حتى وإن صدر موقف واضح يظهر الوقوف إلى جانب لبنان لتجاوز محنته.
ومن جهة ثانية لم تعد دول الخليج تستجيب لسعي أطراف دولية إلى حضها على مساعدة لبنان، كما يحصل عادة مع فرنسا التي تريد أن تبدو في صورة من يتحرك لإنقاذ لبنان بأموال الخليجيين. وتقلل الأوساط السياسية الخليجية السابقة من حظوظ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سيزور السعودية بين الثاني والرابع من ديسمبر القادم، في الحصول على تعهد من المملكة بتمويل كلي أو جزئي لإعادة إعمار لبنان.
وتقول أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات حول البحر المتوسط والشرق الأوسط، إن”محاولة إقناع السعوديين” بالمساهمة في إرساء استقرار في لبنان، لاسيما ماليا، ورقة رابحة لماكرون، وإن كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “ليس لديه (بالضرورة) هذا الهدف.”
ومن الواضح أن الرئيس الفرنسي لم يستوعب بعدَ كل هذه السنوات أن السعودية قد تغيرت كثيرا ولم تعد ترضى بلعب دور الذي يدفع الأموال والمساعدات السخية ويعود ريعها إلى جهات أخرى أيا كانت صديقة أو منافسة إقليميا.
من غير المقبول أن تنفق دول الخليج المليارات ككل مرة ثم يعود المشهد كما هو. صحيح أن اللبنانيين يراهنون على كرم الخليجيين، لكن الأمر في لبنان تحول إلى ما يشبه اللعبة السمجة
كما أن المملكة خبرت الطبقة السياسية اللبنانية طويلا وقدمت الكثير من الدعم والاستثمارات وظلت تنفق بلا حساب في لبنان، لكن حزب الله ظل كما هو في مغامراته العسكرية وسيطرته على البلد، فيما تنقسم الطبقة السياسية اللبنانية بشأنه بين مستفيد وصامت.
وأعربت السعودية عن أملها في أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى “حفظ سيادة” لبنان وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان مقتضب “ترحيب المملكة العربية السعودية بوقف إطلاق النار في لبنان.”
وقالت إنها “تثمن جميع الجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن،” مضيفة أنها تأمل في أن “يقود ذلك إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) وحفظ سيادة وأمن واستقرار لبنان.”
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإماراتية إن الإمارات ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل وتعرب عن أملها في أن يؤدي الالتزام به إلى وقف دائم للحرب.
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان “ترحب دولة قطر باتفاق وقف إطلاق النار في الجمهورية اللبنانية، وتعرب عن أملها في أن يفضي إلى اتفاق مماثل لوقف الحرب المستمرة على قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة.