في أكبر رد على العملية الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من أسبوعين بالضفة الغربية، هاجم فلسطيني يحمل بندقية حاجزاً عسكرياً قرب قرية تياسير شمال الضفة، الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل جنديين وإصابة 8 آخرين قبل أن يُردى المهاجم قتيلاً في أثناء تبادل إطلاق النار.
ولا يبعد موقع الهجوم كثيراً عن مسرح عمليات الجيش المستمرة ضد المخيمات، ومناطق فلسطينية أخرى في الضفة.
وأقر الجيش الإسرائيلي في بيان، بأن أحد القتلى في الهجوم هو قائد فرقة في كتيبة احتياط يدعى عوفر يونغ، بينما لم يعلن هوية الجندي الآخر على الفور.
وأضاف الجيش أن بين الجنود الثمانية الجرحى اثنين إصابتهما بالغة.
وكان المهاجم الفلسطيني كمن للجنود الذين كانوا في موقع عسكري على حاجز تياسير، وانتظر أن يفتح الجنود باب المعسكر، ثم أطلق النار على القوات متسلحاً ببندقية هجومية من طراز إم - 16، ومرتدياً سترة واقية.
وكشف تحقيق للجيش عن أن المنفذ اقترب من الموقع العسكري سيراً على الأقدام دون أن يتم اكتشافه، وفاجأ جنديين كانا يستعدان لفتح الحاجز أمام حركة المرور، ثم تبادل النار مع آخرين عند مدخل الموقع الذي يضم برج مراقبة وفي داخله كذلك.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإنه وسط تبادل إطلاق النار الذي استمر عدة دقائق، تمكن المهاجم من الدخول إلى الموقع نفسه، وبعد ذلك وصلت قوة احتياطية إلى مكان الحادث وأطلقت النار على المسلح من خارج النقطة العسكرية، قبل أن يلقي أحد الجنود قنبلة يدوية عليه، ويطلق آخرون النار، ما أدى إلى مقتله.
«حماس والجهاد» تباركان
ولم تعلن إسرائيل فوراً هوية المهاجم، ولم تتبن أي جهة فلسطينية الهجوم، لكن حركتي «حماس» و«الجهاد» باركتا العملية.
ورأت «حماس» أن العملية «دليل على مضي الضفة على طريق المقاومة»، وأن «جرائم الاحتلال وعدوانه على شمال الضفة المحتلة لن تمر دون عقاب».
وقالت الجهاد الإسلامي إن العملية «تأكيد على إصرار الشعب الفلسطيني ومقاومته على التصدي لجرائم الاحتلال الذي يفجر البيوت ويهجر العائلات، والمقاومة ماضية حتى دحر الاحتلال».
وجاء الهجوم في الوقت الذي وسعت وعمقت فيها إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما حولتها إلى أحد أهداف الحرب، وهو ما جعله «هجوماً استثنائياً».
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، بدء عملية عسكرية واسعة في مدينة جنين ومخيمها الذي يعد معقلاً للجماعات الفلسطينية المسلحة، بأوامر من المستوى السياسي.
وحتى الآن قتلت إسرائيل في عمليتها بالضفة أكثر من 50 فلسطينياً بينهم 25 في جنين، واعتقلت المئات، ونسفت عشرات المنازل، مجبرة 15 ألفاً على النزوح من المخيم.
وبعد أسبوع على بدء العدوان في جنين، وسع الجيش عمليته إلى مخيم طولكرم في طولكرم، وقتل 4 فلسطينيين، ودمر عشرات المنازل مجبراً نحو 48 في المائة من سكان مخيّم طولكرم شمال الضفة الغربية على النزوح.
وشوهد سكان من المخيم وطمون، يغادرون منازلهم فيما دفعت إسرائيل بالمزيد من التعزيزات العسكرية، إلى المنطقة القريبة من حاجز تياسير.
واشتبك مسلحون فلسطينيون مع الجيش في طمون وفي جنين وطولكرم، الثلاثاء، فيما نفذ الجيش مزيداً من عمليات تفجير المنازل. وحوّلت العملية العسكرية الإسرائيلية مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم وطوباس إلى ما يشبه مدن أشباح.
وكانت إسرائيل نقلت تكتيكاتها الحربية في قطاع غزة إلى الضفة الغربية، مستخدمة قوة نيران كبيرة وحملات تفجير أحياء فلسطينية.
«منحى كارثي»
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الثلاثاء، إن مخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة يأخذ «منحى كارثياً» من جراء الدمار الذي لحق بالعديد من المساكن والمباني فيه إثر العملية العسكرية الإسرائيلية الجديدة.
وقالت المتحدثة باسم «الأونروا»، جولييت توما، للصحافيين في جنيف إن الوضع في «المخيم يتخذ منحى كارثياً»، مضيفة أن أجزاء كبيرة منه «دُمرت بالكامل في سلسلة من التفجيرات التي نفذتها القوات الإسرائيلية».
وبعد أن أدانت الرئاسة الفلسطينية حرب التدمير والتهجير في الضفة، وجه الرئيس الفلسطيني بتقديم طلب عاجل لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه هذه الانتهاكات الجسيمة.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى: «لن نستسلم ولن نيأس أمام عجز المجتمع الدولي عن وقف آلة الحرب الإسرائيلية، فهذه الجرائم بحق شعبنا يجب أن تتوقف، وسنواصل نضالنا المشروع من أجل حقوقنا كافة، لأننا على يقين بأن الحق لن يضيع ما دام وراءه مطالب».
لجنة تحقيق دائمة
وإضافة إلى جلسة مجلس الأمن، ستنعقد، الأربعاء، في جنيف لجنة التحقيق الدائمة، التي أقرّها مجلس حقوق الإنسان، لمتابعة الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في شمال الضفة الغربية.
وبدأ آلاف المواطنين يعانون انقطاعاً تاماً في المياه، ونقصاً حاداً في المواد الغذائية الأساسية كالخبز وحليب الأطفال.
وقال محافظ طوباس والأغوار الشمالية، أحمد الأسعد، في بيان، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أحكمت اليوم إغلاقها للمحافظة، وقطعت الطريق الواصل بين المحافظة ببقية المحافظات وعزلت منطقة الأغوار الشمالية بشكل كامل.
وأضاف: «في ظل استمرار عملية الاجتياح الكامل لمخيم الفارعة وبلدة طمون، فإن الوضع الإنساني لأهالي المنطقتين يزداد سوءاً، لا سيما في ظل قطع المياه عن المخيم ومنع دخول الأدوية ونقل المرضى، وهو الحال تماماً في بلدة طمون المحاصرة».
وبحسبه، فإن الحصار الإسرائيلي منع الموظفين والمزارعين والتجار من الوصول إلى أعمالهم، وعطل العملية التعليمية كذلك.
ودعت الحكومة الفلسطينية المجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال لوقف عدوانه بالضفة الغربية.
وقالت «الخارجية» إن هذه الجرائم تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف، وتجسد سياسة إسرائيلية رسمية تهدف إلى تعميق الضم التدريجي لأجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة لصالح الاستيطان