سقط أكثر من 120 قتيلاً في أعقاب هجمات نفّذها تنظيم «القاعدة»، يومي الخميس والجمعة، في مناطق متفرقة من شمال دولة مالي، كان آخرها تفجير انتحاري باستخدام سيارة مفخخة استهدفت، في وقت مبكر من فجر الجمعة، قاعدة عسكرية تابعة للجيش المالي في مطار مدينة غاو، أكبر مدينة في شمال مالي.
الهجوم استهدف قاعدة عسكرية تعد الأكبر من نوعها في البلاد، وقد خلَّف أربعة قتلى على الأقل، وهي حصيلة لا تزالُ أولية، فيما تبنت الهجوم الأخير، وهجومين سبقاه، الخميس، جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، وهي تحالف لمجموعات من التشكيلات المسلحة التي تعلنُ الولاء لتنظيم «القاعدة»، وفي حين يتركز نفوذها في شمال ووسط مالي، إلا أنه يتوسعُ نحو بلدان مجاورة، على غرار النيجر وبوركينا فاسو.
والخميس كان أكثر دموية، حين شنت نفسُ الجماعة هجومين إرهابيين أسفرا عن مقتل 64 شخصاً على الأقل، من بينهم 49 مدنياً و15 جندياً، فيما أعلن الجيش المالي أنه قتل 50 إرهابياً على الأقل، ليكون بذلك إجمالي عدد القتلى يقارب 120 قتيلاً في غضون يومين فقط، رغم أنها حصيلة لا تزال مرشحة للزيادة.
استهداف قارب تمبكتو يعمّق حصار المدينة التاريخية (صحافة محلية)
وكان الهجوم الأكثر دموية، ذلك الذي استهدف قارباً لشحن البضائع والأشخاص عبر نهر النيجر، يعرفُ محلياً باسم «زورق تمبكتو»، لأن سكان المدينة التاريخية يعتمدون عليه في التنقل والتزود بالمواد الأساسية. فيما استهدف الهجوم الثاني قاعدة للجيش في منطقة «بامبا» بمنطقة غاو.
وفي بيان رسمي، أعلن الجيش المالي أن الهجوم استهدف القارب عند الساعة 11 من صباح الخميس، بالقرب من راروس سيركل، حين كان في الطريق ما بين مدينتي غاو وتمبكتو. وهو ما أكدته شركة الملاحة المالية (كوماناف) التي تشغّلُ القارب، كما أكدت أن منفّذي الهجوم أطلقوا «ثلاثة صواريخ على الأقل استهدفت محرّك القارب».
وأضافت شركة الملاحة في تصريحات صحافية، أنه مع بداية الهجوم قفز عدد من الركاب في الماء، ورغم أن الشركة لم تكشف عن أي معلومات مفصَّلة حول عدد الأشخاص الذين كانوا موجودين على متن القارب وقت تعرضه للهجوم، فإن مسؤولين فيها أكدوا أن حمولته القصوى تصل إلى 300 شخص. من جهته ذكر مسؤول عسكري طلب حجب هويته، أن جنودا كانوا على متن الزورق لمرافقته، في ظل وجود تهديد أمني في المنطقة.
جنود ماليون في دورية مع قوة تاكوبا الجديدة بالقرب من حدود النيجر بدائرة دانسونجو 23 أغسطس 2021 (رويترز)
الحكومة المركزية في باماكو، أعلنت الحداد الوطني ثلاثة أيام بعد هذه الهجمات، كما أطلقت عملية لإجلاء ركاب القارب الناجين من الهجوم، ونقل المصابين لتلقي العلاج، بالإضافة إلى تفتيش مكان الهجوم ومراقبته، كما أطلقت عملية عسكرية لتعقب منفّذي الهجوم، أكدت أنها أسفرت عن مقتل 50 إرهابياً على الأقل.
ولكن هذه الهجمات تأتي في سياق متوتر جداً في شمال دولة مالي، خصوصاً بعد أن تحركت وحدات من الجيش مدعومةً بمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، نحو مدينة تمبكتو قبل أكثر من شهر، وهو ما أثار مخاوف السكان المحليين من رغبة باماكو في اجتياح الشمال، وبالتالي اندلاع حرب على عدة جبهات، أولاً ضد الطوارق، وثانياً ضد تنظيم «القاعدة».
وكانت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» الموالية لـ«القاعدة» وتسيطر على مناطق واسعة من شمال مالي، بعضها قريب جداً من الحدود الموريتانية... قد أعلنت قبل أسابيع فرض حصار على مدينة تمكبتو التاريخية، بسبب دخول «جيش مالي» و«فاغنر» إلى المدينة.
ووجهت الجماعة الإرهابية تحذيرات جدية إلى التجار وأصحاب الشاحنات الذين ينقلون البضائع والأشخاص من وإلى تمبكتو، وطلبت منهم التوقف عن الحركة، لأن ذلك سيعرِّض حياتهم للخطر، وفق بيانات صادرة عن التنظيم الإرهابي الأخطر في مالي.
جنود ماليون إلى جانب مبنى مدمَّر في غاو بعد تفجير سيارة انتحارية ليلاً 13 نوفمبر 2018 مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص (أ.ف.ب)
وحسب آخر الأنباء الواردة من شمال مالي، فإن مواجهات اندلعت (الجمعة) ما بين مقاتلي «القاعدة» و«فاغنر»، حين حاولت المجموعة الروسية الخاصة مساندة الجيش المالي في السيطرة على قرى تابعة لمحافظة «سيغو»، وقالت «القاعدة» عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي إنها نجحت في «صد مرتزقة (فاغنر)»، وتحدث نفس المصدر عن تحطم طائرة خلال المواجهات.
كانت السلطات الحاكمة في دولة مالي قد طردت القوات الفرنسية العام الماضي، بعد أن اتهمتها بالفشل في القضاء على الإرهاب خلال عشر سنوات من محاربته، وتوجهت نحو عقد شراكة عسكرية مع روسيا، دخل بموجبها آلاف من مقاتلي «فاغنر» إلى مالي