معارك كبيرة في غزة بعد الفيتو الأميركي في مجلس الأمن

واصلت إسرائيل حربها ضد حركة حماس في قطاع غزة السبت غداة استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، في ظلّ وضع إنساني مروّع، وفقاً لمنظمات غير حكومية. ولقيت الخطوة الأميركية إدانات أبرزها من تركيا والرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة حماس، في ما اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أنّ وقف إطلاق النار "سيمنع انهيار منظمة حماس الإرهابية".
وقال الجيش السبت إنّ "العمليات في قطاع غزة مستمرّة"، مضيفا أنّ "القوات البرية واصلت القتال في مواقع مختلفة". من جهتها، أعلنت كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس أنها أطلقت السبت دفعات جديدة من الصواريخ على مناطق في جنوب إسرائيل. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس وصول 71 قتيلا إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح في أربع وعشرين ساعة، و62 قتيلا إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع.
ووفق الأمم المتحدة، دُمّر أكثر من نصف المنازل أو تضرّر في الحرب على القطاع، حيث فرّ 1.9 مليون شخص من منازلهم، أو ما يشكّل 85 في المئة من السكان. وقال محمود أبوريان النازح من بيت لاهيا (شمال) "الجو بارد جداً والخيمة صغيرة جداً. ليس لديّ سوى الملابس التي أرتديها. وما زلت لا أعرف ما هي الخطوة التالية".
في موازاة ذلك، تزايدت بشكل ملحوظ بعض الأمراض المعدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادّة والالتهابات الجلدية، وسط الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية في الملاجئ التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في جنوب القطاع. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإنّ 14 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في قطاع غزة، كانت لا تزال تعمل بالإمكانات المتوافرة لديها الخميس.
وسارعت المنظمات الإنسانية إلى إدانة الفيتو الأميركي في مجلس الأمن الدولي الجمعة. واعتبرت منظمة أطباء بلا حدود أنّ عدم تحرّك مجلس الأمن الدولي يجعله “شريكاً في المجزرة” في قطاع غزة. وعبّر سكان أحد أحياء رفح حيث دمّرت غارة إسرائيلية عددا من المباني، عن غضبهم السبت بعد استخدام واشنطن حق النقض. وقال محمد الخطيب لفرانس برس "ما هو القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن ونفذه من أجل قضيّتنا والشعب الفلسطيني؟".
وأدان الرئيس الفلسطيني في بيان الفيتو الأميركي محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية "ما يسيل من دماء" في القطاع. كما أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الفيتو الأميركي. وقال في الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان “منذ السابع من أكتوبر تحول مجلس الأمن الدولي إلى مجلس لحماية إسرائيل والدفاع عنها".
ومشروع القرار الجمعة هو الخامس الذي يرفضه المجلس منذ بداية الحرب، في ظل انقسامه إلى حد كبير منذ سنوات حول النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. من جهتها، حذرت إيران السبت من وقوع "انفجار لا يمكن السيطرة عليه" في الشرق الأوسط، إذا واصلت الولايات المتحدة دعم إسرائيل في الحرب.
وصرّح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة بأنّ "كلّ هذا يحدث في سياق إنساني مروّع"، مشيرا إلى أنّ "الناس يائسون وخائفون وغاضبون". واتجه جزء كبير من السكان الذين شرّدتهم الحرب، والبالغ عددهم 1.9 مليون نسمة، إلى جنوب القطاع، لتتحوّل رفح الحدودية مع مصر إلى مخيّم ضخم للاجئين.
ولا تزال محافظة رفح المنطقة الوحيدة في غزة التي يتم فيها توزيع مساعدات محدودة. وفي محافظة خان يونس توقف توزيع المساعدات في الأيام الأخيرة في ظلّ اشتداد الأعمال الحربية والقيود المفروضة على التنقل على طول الطرق الرئيسية، باستثناء عمليات إيصال الوقود المحدودة لمقدّمي الخدمات الرئيسيين.
وفي رفح، كان السكان يفتّشون بين الأنقاض بعد الضربات الجوية التي طالت حيّهم، لينقذوا ما يمكنهم إنقاذه، مثل البطانيّات. وقال فايز نصيري في مستشفى النجار في رفح "لقد هربنا من مدينة غزة باتجاه خان يونس ثمّ رفح، ولكن أين يمكننا أن نذهب بعد ذلك؟".
وفي شمال قطاع غزة، بات السكان يضطرون لدفن الضحايا في سوق مخيّم جباليا حيث يتمّ حفر القبور على عجل. وارتفع عدد القتلى أيضاً في الضفة الغربية المحتلّة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية ستة فلسطينيين الجمعة، وفقاً لوزارة الصحة في رام الله.
وأعلنت إسرائيل مقتل 93 جندياً في غزة منذ بداية الحرب. وأشارت الجمعة إلى أنّ جنديين آخرين أصيبا خلال محاولة فاشلة لتحرير رهائن. غير أنّ حماس أعلنت مقتل أحد الرهائن خلال هذه العملية. ونشرت مقطع فيديو يظهر ما قالت إنها جثة المحتجز. وأعلن مقتل إسرائيلي احتجز خلال هجوم 7 أكتوبر في غزة بأيدي خاطفيه، بحسب ما أعلن كيبوتس ورابطة عائلية السبت.