تستعد إسرائيل لتهجير أكثر من مليون فلسطيني من مدينة رفح للشروع في تنفيذ ما أسمته هجوما بريا على حركة حماس. ويعيش هؤلاء الفلسطينيون في ظروف بائسة بعد أن نزحوا من الشمال بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل منذ مطلع أكتوبر الماضي.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، السبت، إن الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح، ومحاولة تهجير المواطنين الفلسطينيين، لا يعفيان الإدارة الأميركية من المسؤولية.
وأضاف، في بيان إن الإدارة الأميركية مُطالبة بـ"إجبار الاحتلال على وقف مجازر الإبادة التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني"، ووقف ما وصفه بـ"الجنون الإسرائيلي"، الذي أدى إلى توسع ساحات الحرب في المنطقة، ويمهد لحروب إقليمية مستمرة.
وقصفت طائرات حربية إسرائيلية رفح، الجمعة، عقب أوامر أصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للجيش بالاستعداد لإجلاء النازحين من المدينة التي يقطنها أكثر من مليون مواطن مشرد من مناطق متفرقة من قطاع غزة.
والعملية العسكرية صوب رفح تأتي تزامناً مع إعلان وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي والعمليات البرية في القطاع، إلى 28064 قتيلاً غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأوضحت الوزارة أن 117 شخصاً قتلوا في الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينما بلغ عدد المصابين منذ بدء الحرب 67611 جريحاً.
رفض إقليمي وأممي
وعبرت الخارجية السعودية عن إدانتها لاعتزام إسرائيل اقتحام رفح؛ محذرة من مغبة هذه الإجراءات ضد الملاذ الأخير لمئات الآلاف من المواطنين الذين شردتهم إسرائيل بالقوة من منازلهم.
وفي بيان لوزارة الخارجية نشرته وكالة الأنباء السعودية، جددت المملكة مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وشددت على أن الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلاً لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان.
كما أعلن الأردن رفضه التهجير القسري الذي يتعرض له الفلسطينيون داخل أراضيهم أو إلى خارجها. وحذرت وزارة الخارجية الأردنية، السبت، "من خطورة إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة". ودعت الأردن المجتمع الدولي إلى "ضرورة التحرك الفوري والفاعل لمنع إسرائيل من الاستمرار بحربها المستعرة".
من جانبها قالت الأمم المتحدة: إن المدنيين في رفح بجنوب قطاع غزة يحتاجون إلى الحماية، لكن لا ينبغي تنفيذ أي تهجير قسري جماعي، وذلك بعد أن بدأت إسرائيل في إعداد خطة لإجلاء المدنيين الفلسطينيين تحت مبرر هزيمة حماس في الجنوب.
وأوضح ستيفان دوجاريك المتحدث باسم المنظمة يوم الجمعة: "نحن قلقون جدا على مصير المدنيين في رفح". وأضاف قائلا: "من الواضح أن الناس بحاجة إلى الحماية، لكننا لا نريد أيضا رؤية أي تهجير قسري، تهجير جماعي قسري، للناس، وهو بالتعريف ضد إرادتهم... لن ندعم بأي شكل التهجير القسري الذي يتعارض مع القانون الدولي".
وعبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن قلقه من الخطة الإسرائيلية لمهاجمةِ مدينة رفح في قطاع غزة، والتي تُعد آخر ملاذ للنازحين بسبب الحرب، وحذر بوريل في منشور له على منصة إكس من التداعيات الكارثية للهجوم الإسرائيلي المحتمل.
بدورها حذرت حركة حماس، السبت، من "مجزرة" في حال شن عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة على الحدود المصرية والتي تُشكّل ملاذا أخيرا للنازحين من الحرب.
وقالت الحركة في بيان: "نحذر من كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى في حال تم اجتياح محافظة رفح"، مضيفة: "نحمّل الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي والاحتلال المسؤولية الكاملة".
كما قالت وكالات الإغاثة: إن الهجوم العسكري في مثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان قد يؤدي في النهاية إلى مقتل أعداد كبيرة من الأبرياء. وأوضحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) أنها لا تعرف المدة التي يمكن أن تستغرقها "مثل هذه العملية شديدة الخطورة".
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني: "هناك شعور متزايد بالقلق والذعر في رفح.. لأن الناس ليس لديهم أي فكرة على الإطلاق إلى أين يذهبون".
تحرك مصري
من جانبها دفعت السلطات المصرية بنحو 40 دبابة وناقلات جنود مدرعة إلى شمال شرقي سيناء خلال الأيام الماضية في إطار سلسلة تدابير تهدف إلى تعزيز عملياتها الأمنية على حدودها مع قطاع غزة.
وتنتشر القوات قبل توسيع إسرائيل عملياتها العسكرية لتشمل مدينة رفح بجنوب غزة، التي نزح إليها أغلب سكان القطاع بحثا عن ملاذ آمن مما فاقم مخاوف مصر من احتمال إجبار الفلسطينيين على الخروج بشكل جماعي من القطاع.
وزعمت إسرائيل أن الهجوم على رفح يهدف إلى الحد من قدرة حماس على التسلح وبذريعة أن حماس حصلت على أسلحة مهربة من مصر التي ردت قائلة إن ثلاثة صفوف من الحواجز "تجعل من المستحيل تهريب أي شيء من فوق الأرض أو تحتها".
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في 7 أكتوبر، أقامت مصر جدارا حدوديا خرسانيا تمتد أسسه في الأرض 6 أمتار وتعلوه أسلاك شائكة. وهو ما يفضح الروايات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية لتبرير عملية اجتياح رفح وتهجير أبنائها والنازحين.
وذكرت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات في الشهر الماضي تفاصيل عن بعض التدابير التي اتخذتها مصر على حدودها ردا على تلميحات إسرائيلية إلى أن حماس حصلت على أسلحة مهربة من مصر. وأظهرت صور بالأقمار الاصطناعية التقطت في يناير وديسمبر بعض الإنشاءات الجديدة بطول الحدود البالغة 13 كيلومترا قرب رفح وامتداد الجدار حتى حافة البحر على الطرف الشمالي من الحدود.