تزداد وتيرة التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وسط مخاوف من توسع الحرب والذهاب إلى حرب شاملة في المنطقة.
ويقول مراقبان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يقود مغامرة كبيرة من أجل الحفاظ على مكانته السياسية وحكومته المأزومة، ما قد يدفعه لخوض حرب، فيما لا يزال "حزب الله" والطرف اللبناني يلتزمان بقواعد الاشتباك.
وأعلن "حزب الله" اللبناني، اليوم الجمعة، استهداف مواقع للجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود اللبنانية الجنوبية.
وجاء في بيان "حزب الله"، أن "عناصر المقاومة الإسلامية استهدفوا موقع المالكية بصاروخ بركان وأصابوه إصابة مباشرة، فضلا عن موقع رويسات العلم وموقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة".
وأضاف في بيان لاحق: "استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية انتشارًا لجنود الجيش الإسرائيلي في محيط ثكنة دوفيف بالأسلحة الصاروخية وحققوا فيه إصابات مباشرة، بالإضافة إلى استهداف مجموعة من الجنود كانت تتمركز في موقع راميا بالأسلحة المناسبة، وأصابوها إصابة مباشرة وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح".
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن "حزب الله" عن مقتل 3 عناصر من مقاتليه في جنوب لبنان.
تجاوز إسرائيلي
اعتبر المحلل السياسي اللبناني، داوود رمال، أن "الأمور على الجبهة اللبنانية آخذة في التصعيد، والجانب الإسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك السابقة، خاصة في تعمد ارتكاب مجازر بحق المدنيين، وهذه المسألة انقلاب على كل التفاهمات وفي مقدمتها تفاهم أبريل 1996، الذي حيد المدنيين في كلا الجانبين".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإنه "مع حكومة نتنياهو العنصرية كل شيء متوقع على الجبهة اللبنانية، ولا يزال الطرف المقابل (حزب الله) يعتمد أسلوب ضبط النفس والرد الموضعي، وعدم الذهاب لردود تؤدي إلى انفتاح الأمور على حرب واسعة".
واستبعد رمال إمكانية الوصول لحرب إقليمية في لبنان، "لأن دول الإقليم وعلى رأسها إيران لا تريد الدخول في هذه الحرب حتى لو ذهب نتنياهو لحرب على الجبهة اللبنانية بشكل واسع، إذ أثبتت طهران أنها تتعامل على قاعدة الإمداد العسكري والسياسي".
وشدد أن "حزب الله" في لبنان قادر على المواجهة ويملك ترسانة متقدمة متنوعة من الأسلحة، ولا حاجة لدول الإقليم التدخل"، مؤكدا أن "الحرب الواسعة في لبنان ستجعل الجبهة العراقية واليمنية تتفاعل أكثر، وأن تصبح أكثر ضراوة في استهداف العمق الإسرائيلي".
ويرى أن "هناك سباقا بين جهود التي توصل إلى تسوية، وبين نوايا حكومة نتنياهو بالمضي في الحرب، لعل صفقة ما تجعل منه منتصرا وتجنبه المصير المحتوم".
مغامرة نتنياهو
بدوره، اعتبر المحلل اللبناني، أسامة وهبي، أن "حزب الله" لا يريد حربا بسبب الوضع المأزوم الذي يعيشه لبنان، والشعب اللبناني يعاني من أزمات لا تعد ولا تحصى، ولا يمكنه الأخذ بالشعب إلى الحرب طالما يمكنه تجنبها، وهو اليوم يتحمل كلفة كبيرة بالأرواح والمقاتلين، لكنه لن يذهب للحرب إلا إذا فُرضت عليه فرضا".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "الجانب الإسرائيلي مأزوم وغارق في رمال غزة، ويبحث عن نصر واضح من أجل الوصول لوقف إطلاق النار للانسحاب من هذا النفق المظلم، إلا أن مغامرات نتنياهو والأزمة السياسية التي يعاني منها داخل حكومته ومستقبله السياسي الذي بات على المحك، وأنه سيذهب للمحاكمة والسجن، نتيجة تقصيره في 7 أكتوبر كما تتهمه المعارضة الإسرائيلية وبسبب ملفات فساد كبيرة".
وأكد أن "الطرفان يخشيان من الذهاب لحرب شاملة، هناك جهد أمريكي وغربي في محاولة التوصل لتسوية تجنب الطرفين هذه الكارثة، وهناك ورقة فرنسية تدرس، ومجهود يبذله الموفد الأمريكي، إلا أن ما يحمي لبنان بقاء الجيش الإسرائيلي مأزوم في قطاع غزة، وأن يكون عاجزا عن فتح جبهة إضافية".
واعتبر أن "مغامرات نتنياهو تجعل من الممكن أن يأخذ بهذا القرار الصعب تفاديا للمحاسبة والذهاب إلى السجن، وعندها سيكون "حزب الله" ولبنان مضطرين للذهاب إلى هذه الحرب، التي ستكون نتائجها صعبة على مستقبل لبنان والمنطقة".
وأكد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، اليوم الجمعة، أن الهجمات التي نفذتها إسرائيل في النبطية والصوانة جنوبي لبنان "تطور يجب التوقف عنده في المواجهة القائمة لأنه استهدف المدنيين".
وقال نصر الله إن "ما جرى في النبطية والصوانة كان أمرا متعمدا لأن العدو كان يستطيع تجنب قتل المدنيين بالطريقة التي حصلت".
واعتبر نصر الله أن "هدف الإسرائيلي من قتل المدنيين الضغط على المقاومة لتتوقف لأن كل الضغوط منذ 7 أكتوبر كان هدفها وقف جبهة الجنوب".
وقال نصر الله خلال كلمة له: "المقاومة في لبنان تملك من القدرة الصاروخية الهائلة والدقيقة التي تمتد من كريات شمونة إلى إيلات، وتضحيات حركات المقاومة لا تنطلق من حالة انفعالية أو رد فعل مؤقت بل من الوعي والبصيرة والمعرفة بالأهداف".
وينفذ "حزب الله" عمليات من الأراضي اللبنانية تستهدف القوات الإسرائيلية، وذلك "دعمًا للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته"، بحسب بيانات الحزب.
ويواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما أعلنت حركة حماس التي تسيطر على القطاع بدء عملية "طوفان الأقصى".
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.