أعلن الجيش الأردني الاثنين أنه قام بأربعة إنزالات جوا لمساعدات إنسانية على قطاع غزة إحداها بطائرة تابعة للجيش الفرنسي وهو الإنزال السادس عشر الذي ينظمه الأردن على قطاع غزة، لكن الأول الذي يصل إلى السكان مباشرة، بينما حذّر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من تداعيات إنسانية خطيرة إذا اجتاحت إسرائيل مدينة رفح الحدودية مع مصر التي تعتبر آخر ملاذ للغزيين الفارين من الحرب، بينما تأتي هذه التطورات فيما ناقش مجلس حقوق الإنسان في جنيف الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني الذي يتعرض لأعنف هجوم إسرائيلي على الإطلاق.
وقال الجيش الأردني في بيان الاثنين إنه رتب أيضا أكبر عملية إنزال جوي حتى الآن لتوصيل المساعدات إلى غزة حيث يتضور معظم النازحين جوعا.
وذكر المتحدث باسم الجيش الأردني مصطفى الحياري أن العملية شاركت فيها أربع طائرات سي-130 إحداها تابعة للقوات المسلحة الفرنسية.
وقال الحياري لرويترز إن المساعدات أُسقطت على 11 موقعا على امتداد ساحل غزة من أقصى الشمال إلى الجنوب كي يجمعها المدنيون. وأُنزلت أدوية ومؤن إنسانية جوا بالمظلات إلى المستشفيات التي يديرها الجيش الأردني في غزة.
وجاء في بيان للقوات المسلحة الأردنية أن الجيش نفّذ "أربعة إنزالات جوية تحمل مساعدات لأهل غزة"، بتوجيهات من الملك عبدالله الثاني، موضحا أن المساعدات تشمل "مواد إغاثية وغذائية من ضمنها وجبات جاهزة عالية القيمة الغذائية، تخفيفا عن معاناة أهالي القطاع جراء ما يتعرضون له من أوضاع صعبة نتيجة الحرب" المتواصلة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وتابع البيان "هذه الإنزالات الجوية استهدفت بشكل رئيسي إيصال المساعدات للسكان بشكل مباشر وإسقاطها على طول ساحل قطاع غزة من الشمال إلى الجنوب"، مشيرا إلى أن "مشاركة طائرة فرنسية يعد تأكيدا على دعم الجهود الأردنية الإنسانية" لمساندة غزة و"عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين".
وبذلك، بلغت عمليات الإنزال التي أعلن عنها الجيش الأردني منذ بدء الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر، 16 عملية. وخصّصت عمليات الإنزال السابقة للمستشفى الميداني الأردني وواحدة لنحو 800 شخص محاصرين داخل كنيسة القديس برفيريوس بحي الزيتون في مدينة غزة عشية عيد الميلاد.
وأعلن الجيش الأردني الأربعاء الماضي أن طائرة تابعة له قامت بإنزال مساعدات "طبية عاجلة" في غزة بالتعاون مع بريطانيا.
وشاركت هولندا مع الأردن بإنزال مساعدات في السادس من فبراير، كما شاركت فرنسا مع الأردن في الخامس من يناير بإنزال سبعة أطنان من المساعدات الإنسانية والصحية في قطاع غزة. وقالت إسرائيل في السابق إن عمليات الإنزال تتمّ بالتنسيق معها.
وقال الديوان الملكي الهاشمي إن الملك عبدالله الثاني حذر اليوم الاثنين من مخاطر عملية عسكرية تخطط لها إسرائيل في رفح، مكررا دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار للمساعدة في حماية المدنيين في قطاع غزة وإيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها.
وأضاف العاهل الأردني أن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود هو "إيجاد أفق سياسي" للفلسطينيين يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ حرب عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق من الأسبوع الجاري إن مجلس الوزراء الأمني سيقر خططا عسكرية في رفح تشمل إجلاء أكثر من مليون نازح فلسطيني هناك ويثير مصيرهم قلق القوى العالمية.
ويقول مسؤولون من قطاع الصحة في غزة إن 30 ألف فلسطيني تقريبا قتلوا في الحرب. وتشير إحصاءات إسرائيلية رسمية إلى أن هجوم حماس في السابع من أكتوبر تسبب في مقتل 1200 شخص في إسرائيل، التي فقدت أيضا 241 جنديا في القتال البري في غزة.
وفي تطور آخر، كانت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس ومعاناة سكان قطاع غزة محور الاهتمامات الاثنين في اليوم الأول من الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن هجوما إسرائيليا على رفح سيوجّه ضربة قاضية إلى برامج المساعدات في غزة حيث لا تزال المساعدات الإنسانية "غير كافية على الإطلاق".
وأضاف أن هجوما شاملا على المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر "لن يكون فقط مروّعا بالنسبة إلى أكثر من مليون مدني فلسطيني لجؤوا إلى هناك، بل سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش برنامج مساعداتنا".
وشدد غوتيريش على أن "لا شيء يمكن أن يبرر تعمّد حماس قتل وجرح وتعذيب وخطف مدنيين واستخدام العنف الجنسي، أو إطلاق صواريخ عشوائيا باتجاه إسرائيل"، مضيفا "ولا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".
ووسط أزمة إنسانية متفاقمة، دعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى التحرك لمنع حدوث مجاعة في غزة. ومثل مسؤولين آخرين في المجال الإنساني، أشار غوتيريش إلى أن "المساعدات الإنسانية لا تزال غير كافية على الإطلاق"، مضيفا "أكرر دعوتي إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن".