تزيد المناورات العسكرية المشتركة، التي بدأت الثلاثاء بمشاركة سفن صينية وروسية داخل المياه الإقليمية الإيرانية، من الشعور بالخوف على أمن أحد أهم ممرات النفط في العالم، خاصة أنها تأتي في وقت تتعرض فيه السفن الغربية لهجمات من الحوثيين ما يدفع الكثير منها إلى تغيير الوجهة للمرور عبر رأس الرجاء الصالح مع ما يوازي ذلك من ارتفاع كبير في تكاليف الشحن.
ونشرت الصين مدمّرة الصواريخ “يورومكي” وفرقاطة الصواريخ الموجّهة “ليني” وسفينة التزويد بالوقود “دونغبينغهو”. وقالت روسيا إنّ مجموعة من سفن أسطول المحيط الهادئ بقيادة الطراد “فارياغ” وصلت إلى ميناء تشابهار في جنوب شرق إيران الاثنين.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن التدريبات المشتركة التي تحمل اسم “حزام الأمن البحري – 2024” ستشارك فيها سفن حربية وطائرات، وأن “الجزء العملي من التدريب سيجري في مياه خليج عمان في بحر العرب… الغرض الرئيسي من المناورات هو العمل على سلامة النشاط الاقتصادي البحري”.
تزامن المناورات في المياه الإيرانية مع حرب السفن يثير الخوف على أمن النفط بعد عجز واشنطن عن حماية الملاحة
وقالت الدول الثلاث إنّ المناورات تهدف إلى ضمان الأمن الإقليمي والنشاط الاقتصادي البحري بشكل مشترك. ولكل دولة أجندتها الخاصة وأهداف معيّنة من إجراء مناورات في المنطقة الحيوية التي تمثل بوابة رئيسية لما يحصل عليه العالم من نفط. ويتواجد ممثلون عن القوات البحرية لباكستان وكازاخستان وأذربيجان وسلطنة عمان والهند وجنوب أفريقيا كمراقبين في المناورات.8
وفيما توحي إيران بأنها ليست معزولة، وأن لديها بدائل في مواجهة التهديدات الغربية، تجد الصين في التوترات القائمة فرصة لدخول المنطقة ليس كشريك اقتصادي فحسب وإنما كحليف أمني أيضا يمكن الرهان عليه ليس من إيران فقط وإنما من دول الخليج كذلك، ومن ضمنها السعودية التي طالما اشتكت من غياب الضمانات الدفاعية الأميركية.
وأيا كان عنوان المناورات، فإن تزامنها مع حرب السفن في البحر الأحمر يثير الخوف على أمن السفن وحرية تصدير النفط، خاصة بعد أن اكتشف العالم أن الولايات المتحدة لا تقدر فعليا على حماية الملاحة في المنطقة الحيوية التي تتحكم في مفاصل التجارة العالمية وحركة السفن الرابطة بين مختلف القارات مرورا بمضيق هرمز وبحر العرب.
وسيرتفع الخطر على أمن حركة النفط وأسعاره إذا عملت إيران على إغلاق مضيق هرمز وأصرت الولايات المتحدة على إبقائه مفتوحا، ما قد يرقى إلى مستوى المواجهة المباشرة بين الطرفين.
ويعد مضيق هرمز الواقع في المياه الإيرانية من أكبر الممرات النفطية في العالم. وتبلغ كمية النفط التي تمر عبر المضيق يوميا نحو 17 مليون برميل من النفط، أي ما يعادل 17 في المئة من الطلب العالمي على النفط. كما يمر عبره ما يقرب من 90 في المئة من نفط الشرق الأوسط الذي يغادر المنطقة عبر الخليج العربي.
وتتصدر أهمية مضيق هرمز عناوين الأخبار أحيانا عندما تهدد إيران بإغلاقه، وهو ما تفعله عندما تشتعل التوترات بين طهران والغرب. وتتصاعد التوترات حاليا بسبب غزة، وهو ما يجعل الوضع محفوفا بالمخاطر.
وبدأ الحوثيون منذ نوفمبر الماضي استهداف سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون في أنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، قائلين إن ذلك يأتي دعما لقطاع غزة.
وأنشأت الولايات المتحدة في ديسمبر الماضي تحالفا بحريا متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين التي أجبرت السفن التجارية على تحويل مسارها وتجنب الممر البحري الذي تعبره 12 في المئة من التجارة العالمية.
وفي محاولة لردعهم و”حماية” الملاحة البحرية، تشن القوات الأميركية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة للمتمردين منذ 12 يناير الماضي. وينفذ الجيش الأميركي وحده بين الحين والآخر ضربات يقول إنها تستهدف مواقع أو صواريخ ومسيّرات معدة للإطلاق. وأكد الحوثيون في أعقاب هذه الضربات أن السفن الأميركية والبريطانية باتت أهدافا “مشروعة” لهم.
وقالت رابطة مالكي السفن الألمانية (في.دي.آر) الثلاثاء إن شركات الشحن تتكبد كلفة إضافية تبلغ حوالي مليون دولار لكل رحلة بسبب تحويل المسار إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول الطرف الجنوبي لأفريقيا من أجل تجنب الهجمات الحوثية. واعتبر ممثل للبحرية الفرنسية الاثنين أن البحر الأحمر يواجه سيلا من العنف “المتفلت”