أثارت دعوات قادة حركة حماس لتحريض الشارع الأردني على التظاهر "المستدام" في خضم حرب غزة، تساؤلات بشأن تأثيرها وتداعيات خلال الفترة المقبلة، بالنظر لموقف "عمّان" الرسمي الذي انتقد بقوة مثل تلك الدعوات، استنادًا في ذلك إلى دعم المملكة "التاريخي" للقضية الفلسطينية.
واعتبرت السلطات الأردنية أن دعوات التحريض "محاولات يائسة تريد أن تشتت البوصلة"، مؤكدة التصدي لأي أعمال شغب قد تطال عناصر الأمن أو الممتلكات، على غرار ما جرى في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين شمال العاصمة قبل أيام.
جاءت هذه الانتقادات عقب خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج خالد مشعل، الذي طالب الأردنيين بالنزول للشارع باستمرار، والذي جاء عبر تقنية الفيديو ضمن فعالية نسائية في عمان، في أعقاب زيارة وفد حماس إلى العاصمة الإيرانية طهران.
ويعتقد مسؤولون ومحللون أردنيون وفلسطينيون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن العلاقة بين الأردن وحماس والتي تعود إلى التسعينيات، مرّت بالعديد من التحولات، مشددين على ضرورة عدم تدخل حركة حماس في الشؤون الداخلية للدول العربية، والاكتفاء بما تسبب فيه للشعب الفلسطيني.
رئيس مجلس الأعيان: الأردن لن يقبل فرض أجندات خارجية
"انحراف حماس"
اعتبر وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن التصريحات الصادرة مؤخراً عن قادة حماس بالخارج "انحراف عن البوصلة بشكل واضح".
وشدد المعايطة على أن الشارع الأردني والدولة كانت في مقدمة الداعمين لغزة وشعبها إنسانيا وسياسياً ودبلوماسياً، مؤكداً أن حماس ارتكبت خطأ كبيراً مع الأردن؛ لأنها شتت الجهد والتضامن مع غزة إلى منطقة لا تخدم أحدًا سواء القطاع أو القضية الفلسطينية بشكل عام.
وأرجع الوزير الأردني الأسبق، دعوات قادة حماس بشأن الشارع الأردني، إلى محاولة الحركة للضغط على الأردن لإعادة العلاقات السياسية معها بعد سنوات من القطيعة.
وأضاف: "حماس كانت في الأردن في الفترة من 1991 وحتى 1999، وحينها كان هناك تفاهمات مع الدولة الأردنية، لكنها تجاوزت هذه التفاهمات واستغلت الساحة الأردنية بشكل خرج عن كل الأعراف، وتسبب في أذى الأردن، ما تسبب في النهاية في قطع العلاقة السياسية مع حماس وخروجهم للعمل من ساحة أخرى".
وبشأن أسباب تركيز حماس على الشارع الأردني، أوضح المعايطة أن "الحركة تدرك أن الساحة الأردنية مهمة لها، فلديهم حاضنة سكانية ومؤيدين يعتبرونهم أداة من أدوات حماس اليوم في الساحة الأردنية".
وشدد على أن حماس تهدف إلى "ابتزاز الدولة الأردنية والضغط عليها، والزعم بأنهم يستطيعون تحريك الشارع الأردني بالطريقة التي يريدونها، لكن هذا خطأ فادح لأن الأردنيين يتعاطفون مع القضية الفلسطينية ورفض العدوان الإسرائيلي، ومع ذلك ضد عبث حماس بالداخل الأردني، وهو أمر يرفضه الجميع".
كيف يتعامل الأردن مع تحريض حماس؟
وبشأن تعامل السلطات الأردنية مع الدعوات التحريضية لحماس، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق إن الأردن تعامل بجدية كاملة مع ما يجري "بإجراءات معلنة وغير معلنة"، لكن بالتأكيد فالقانون هو الفيصل في نهاية المطاف.
وأضاف: "إن كانت حماس تعتقد أن التعاطف مع غزة سيفتح لها الأبواب للضغط على الأردن في موضوع إعادة العلاقات واستقبال حماس في عمّان، فهذا الأمر خاطئ جدًا فسيكون هناك رد فعل عكسي".
واستطرد قائلاً إن "الخروج في تظاهرات تهدد الدولة الأردنية ليس له علاقة بالقضية الفلسطينية، لكنه يخدم أجندة قادة حماس في الخارج وتابعيهم في الداخل".
من جانبه، قال رئيس لجنة فلسطين النيابية بمجلس النواب الأردني، فراس العجارمة، في حديث لموقع سكاي نيوز عربية، إن حق التظاهر كفله الدستور الأردني، كما تقوم الأجهزة الأمنية بحماية المتظاهرين وتأمين أماكن التظاهر ولم تهدأ شوارع المملكة منذ السابع من أكتوبر دعما لغزة، لكن السلطات لن تسمح بخروج تلك التظاهرات عن النص.
وأضاف العجارمة أن هناك تناغما بين الموقف الشعبي مع الموقف الرسمي للدولة الأردنية بشأن الحرب على غزة، إذ كانت جهود الأردن واضحة للعيان منذ اليوم الأول لمحاولة وقف العدوان سواء جهود الملك عبد الله في جولاته الخارجية أو حراكه الدولي والإقليمي وأيضا الحكومة الأردنية ممثلة في وزارة الخارجية التي لم تأل جهدا في محاولة شرح الموقف وإطلاع العالم على حقيقة ما يجري في الأراضي الفلسطينية.
وشدد على أن هناك محاولات لانحراف الشارع الأردني عن الاتجاه الحقيقي للتظاهر، لكن "سنقف بحزم ضد أي محاولة للإخلال بأمن الأردن أو شرخ النسيج الوطني واللعب على وتر العنصرية وتقسيم الشعب الأردني".
واعتبر رئيس لجنة فلسطين النيابية، أن الوحدة الوطنية في الأردن هي "عمودنا الفقري"، مؤكداً أن الدولة الأردنية ذات سيادة لا يجوز التدخل في شؤونها الداخلية، وسنبقى دائمًا مناصرين لفلسطين، على ألا يكون ذلك على حساب الأردن "المستقر والقوي الذي تحتاجه فلسطين ذاتها".