يجد أكثر من 1.1 مليون فلسطيني من سكان مدينة غزة أنفسهم بين خيار اللجوء الجديد الذي سيكون على الأرجح بدون عودة أو خيار الموت.
وفي خطوة غير مسبوقة، حدد الجيش الإسرائيلي مهلة 24 ساعة لإخلاء جميع السكان منازلهم في مدينة غزة إلى الجنوب.
ووسط حالة من الارتباك شهدت المدينة حالة نزوح غير مسبوقة من قبل أعداد كبيرة من السكان بعد أن حملوا بعض أغراضهم في سيارات وعلى عربات وحتى سيرا على الأقدام.
وقدرت مصادر فلسطينية لـ"العين الإخبارية" عدد الذين غادروا بالفعل بعشرات آلاف السكان.
ولكن يتوقع أن يزداد هذا العدد بشكل أكبر بعد أن جدد الجيش الإسرائيلي، مساء الجمعة، دعوته السكان لإخلاء منازلهم.
وساد الاعتقاد أن الانتقادات التي صدرت عن كبرى المؤسسات الحقوقية في العالم لهذا القرار سيجبر إسرائيل على التراجع عنه، ولكن هذا لم يحدث.
وقال أفيخاي أدرعي، الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، في بيان: "سكان مدينة غزة، قمنا بمناشدتكم صباحاً لمغادرة مدينة غزة إلى منطقة جنوب وادي غزة، حفاظاً على سلامتكم. أود أن أبلغكم أن الجيش الإسرائيلي سيمتنع عن المس بالمسار المحدد في الخارطة حتى الساعة 20:00".
وأضاف: "حرصاً على سلامتكم استغلوا الوقت القادم للتحرك جنوباً من بيت حانون إلى خان يونس. وسننشر لاحقًا طرقا آمنة إضافية".
وتابع: "إذا كنت مهتما بنفسك وبأحبائك، عليك التوجه جنوبًا وفقًا لتعليماتنا".
وكان الجيش الإسرائيلي نفسه أقر في ساعات الصباح بأن إخلاء منطقة مكتظة بالسكان مثل مدينة غزة سيستغرق عدة أيام ولكنه مع ذلك أصر على موقفه.
وأكدت المصادر الإسرائيلية على أن المخطط الإسرائيلي هو قصف مدينة غزة بشكل كامل ما ينذر بشطب المدينة عن وجه الخارطة.
ولم تلتفت إسرائيل إلى الدعوات الدولية والفلسطينية لوقف عملية التهجير.
وفي هذا الصدد قالت الرئاسة الفلسطينية إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد في اجتماعه مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في العاصمة الأردنية عمان "على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا بشكل فوري، وحمايتهم، والرفض الكامل لتهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبنا، وضرورة السماح بفتح ممرات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، وتوفير المستلزمات الطبية، وإيصال المياه والكهرباء والوقود للمواطنين هناك".
وأضافت: "وحذر الرئيس من حدوث كارثة إنسانية في قطاع غزة جراء توقف كافة الخدمات الإنسانية في قطاع غزة، وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة".
وأخذا بعين الاعتبار أن أكثر من 80% من سكان غزة هم من اللاجئين فإن الترحيل سيكون بمثابة نكبة ثانية لهم.
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر رئاسة الوزراء في رام الله: "إن أهلنا في غزة يتعرضون لإبادة جماعية وغزة باتت منطقة منكوبة".
وأعلنت وكالة الأونروا أنها قامت بنقل مركز عملياتها المركزية وموظفيها الدوليين إلى موقع في جنوب غزة لمواصلة عملياتها الإنسانية ودعمها للموظفين ولاجئي فلسطين في القطاع.
وقالت في بيان تلقته "العين الإخبارية": "إن الأونروا تحث السلطات الإسرائيلية على حماية كافة المدنيين في ملاجئ الأونروا بما في ذلك المدارس".
وأشارت الأونروا إلى "أن دعوة القوات الإسرائيلية لنقل أكثر من مليون مدني يعيشون في شمال غزة خلال 24 ساعة أمر مروع. وهذا لن يؤدي إلا إلى مستويات غير مسبوقة من البؤس ويدفع الناس في غزة إلى الهاوية".
وقالت: "منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، نزح أكثر من 423,000 شخص. ومن بينهم، لجأ أكثر من 270,000 شخص إلى ملاجئ الأونروا، حيث يتم توفير الغذاء والدواء الأساسي والدعم للإبقاء على كرامتهم وعلى بصيص من الأمل".
وأضافت أن "حجم وسرعة الأزمة الإنسانية التي تتكشف، أمر تقشعر له الأبدان. إن غزة تتحول بسرعة إلى حفرة من الجحيم، وهي على شفا الانهيار. ليس هناك استثناء، يجب على جميع الأطراف الالتزام بقوانين الحرب؛ ويجب تقديم المساعدات الإنسانية في جميع الأوقات للمدنيين".
وتابعت: "لقد حان الوقت لكي تسود الإنسانية".
ومن جهتها قالت اليونيسيف: "مليون شخص ليس لديهم مكان آمن للذهاب إليه، هذا غير مقبول ويجب أن يتوقف العنف على الفور".
وبدورها قالت الأمم المتحدة: "إن دعوة القوات الإسرائيلية لنقل أكثر من مليون مدني يعيشون في شمال غزة خلال 24 ساعة أمر مروع. سيؤدي هذا إلى مستويات غير مسبوقة من البؤس".
وأضافت: "يجب على جميع الأطراف الالتزام بقوانين الحرب".