واصلت سلطنة عمان تكتما نسبيا على هوية منفذي الهجوم على مسجد للشيعة؛ حيث اكتفت بالإشارة إلى أنهم عمانيون وإخوة تأثروا بالفكر الضال، دون تقديم أي تفاصيل أخرى رغم مرور أكثر من يومين على الحادثة.
ولم تقدم الشرطة العمانية أيّ تفصيل بشأن أسمائهم وألقابهم العائلية، ولا المدينة التي يقطنونها أو القبيلة التي ينتمون إليها. وقالت الشرطة العُمانية الخميس إن الجناة الثلاثة المتورطين في واقعة إطلاق النار وقتل ستة أشخاص في مسجد للشيعة بالسلطنة عُمانيون.
ووقع الهجوم في مسجد علي بن أبي طالب بمنطقة الوادي الكبير قرب العاصمة مسقط. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المتشدد مسؤوليته عنه.
وذكرت شرطة عمان السلطانية أن الجناة “إخوة لقوا حتفهم نتيجة إصرارهم على مقاومة رجال الأمن، وقد دلت إجراءات التحريات والتحقيقات بأنهم من المتأثرين بأفكار ضالة”. ومن المرجح أن تكون السلطات الآن بصدد التحقيق لمعرفة الأطراف التي تقف وراء العملية وحرضت عليها.
في جميع الأحوال يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبّد مدبر العصيان، والمحرض عليه، ومن تقلد فيه قيادة بأي شكل كان
ويقول المستشار القانوني صلاح بن خليفة المقبالي إن المواجهة المسلحة التي جرت بين المسلحين والشرطة تعد عصيانا مسلحا ضد الدولة. وبحسب مقال للمقبالي نشر ضمن موقع أثير العماني “في جميع الأحوال يعاقب بالإعدام أو السجن المطلق (المؤبد) مدبر العصيان، والمحرض عليه، ومن تقلد فيه قيادة بأي شكل كان”.
وأثارت هوية المنفذين العمانية صدمة في السلطنة والأوساط العربية المطلعة على شؤون البلاد المعروفة بأمنها واستقرارها وتنوعها الطائفي، على عكس بقية دول الشرق الأوسط وبعض دول الخليج مثل الكويت والسعودية.
وتتبع عمان المذهب الإباضي، لكن لديها عدد كبير من السكان السنة وأقلية شيعية صغيرة تزايد تأثيرها في الآونة الأخيرة.
وعرفت السلطنة على مدى عقود بحيادها، لكن مواقفها الرسمية الأخيرة حيال إيران والوضع في اليمن ودعم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تضمنت رسائل داخلية وخارجية بشأن بوادر حدوث تغييرات جذرية في التوازنات المذهبية في البلاد.
لكن المقبالي يرى أن “أحداث الوادي الكبير فتحت الباب على مصراعيه لاحتمالية وجود شبهة جنائية في إثارة النعرات المذهبية بين الجاليات الأجنبية؛ وحيث إن إثارتها توجِد الفتن والبغضاء والكراهية وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى إزهاق أرواح الأبرياء”.
وبحسب القانون الجزائي العماني “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على عشر سنوات كل من روج لما يثير النعرات أو الفتن الدينية أو المذهبية، أو أثار ما من شأنه الشعور بالكراهية أو البغضاء أو الفرقة بين سكان البلاد، أو حرض على ذلك”.
كما يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من عقد اجتماعا أو ندوة أو مؤتمرا له علاقة بالأغراض المبينة في الفقرة السابقة، أو شارك في أي منها مع علمه بذلك.
ويعتبر ظرفا مشددا إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة، أو المنشآت الرسمية، أو في المجالس والأماكن العامة، أو من موظف عام أثناء أو بمناسبة تأدية عمله، أو من شخص ذي صفة دينية أو مكلف بها.
ونادرا ما تشهد السلطنة احتجاجات كتلك التي جرت قبل نحو شهر عندما تضامن عدد كبير من قبيلة المعشني الحكلي مع أفراد احتفلوا بعيد الأضحى قبل الاحتفال به في عمان بيوم، وهو ما ردت عليه السلطات بالقبض على شخصين من القبيلة.
والقتلى جراء الهجوم هم أربعة باكستانيين ومواطن هندي وشرطي كان يتعامل مع المهاجمين. ووصفت باكستان الهجوم بأنه إرهابي.
هوية المنفذين أثارت صدمة في السلطنة والأوساط العربية المطلعة على شؤون البلاد المعروفة بأمنها واستقرارها وتنوعها الطائفي
وقال تنظيم الدولة الإسلامية الثلاثاء إن ثلاثة من مهاجميه “الانغماسيين” أطلقوا النار على المصلين في المسجد مساء الاثنين وظلوا يتبادلون إطلاق النار مع قوات الأمن العمانية حتى الصباح.
ونشر التنظيم المتشدد أيضا على قناة تابعة له في تطبيق تيليغرام ما قال إنه مقطع فيديو للهجوم.
وأعلن داعش، الذي ينشط في أفغانستان، هذا العام مسؤوليته عن هجمات كبيرة في روسيا وإيران أسفرت عن خسائر بشرية فادحة. ولم يعلن مسؤوليته عن هجمات في شبه الجزيرة العربية لعدة سنوات حتى وقع هجوم عمان.
وتؤشّر عمليات داعش على أنه يحاول العودة بعدما سحقه تحالف تقوده الولايات المتحدة عقب احتلاله مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا وإعلانه قيام دولة الخلافة. كما شجعت عملياته على شن هجمات فردية، تعرف باسم هجمات الذئاب المنفردة، في الغرب.
ومن شأن أي نجاح لعمليات داعش في دول الخليج المنتجة للنفط مثل عمان أن يثير مخاوف في الولايات المتحدة والمنطقة التي تعتبر الجماعات الإسلامية المتشددة تهديدا كبيرا لها.
وأصيب العشرات من الأشخاص في الهجوم ونقل حوالي 30 شخصا إلى المستشفيات للعلاج من إصابات بعضها ناجم عن أعيرة نارية. وبدأ الاحتفال بذكرى يوم عاشوراء مساء الاثنين، وهو الاحتفال الذي يثير توترا طائفيا أحيانا بين السنة والشيعة في بعض دول الشرق الأوسط.