لا تزال قضية اختفاء نحو 50 ألف باكستاني وتسربهم إلى محافظات العراق بعد وصولهم في الأيام الأخيرة بصفة سياح دينيين لتأدية مراسم زيارة عاشوراء جنوبي البلاد، تتفاعل داخل الأوساط السياسية، في ظل مخاوف من تأثيرات ذلك على المجتمع العراقي وخصوصا على الصعيدين الأمني والاقتصادي.
ويُشكل اختفاء هذا العدد الهائل من الأجانب على أرض العراق خطرا على الأمن الوطني عدا ما يلحقه من فوضى في سوق العمالة والتشغيل غيرِ الشرعي الموجود في البلاد.
وأعلنت لجنة الأمن والدفاع النيابية، اليوم السبت أنها تتابع ملف الباكستانيين في العراق في ضوء ما جاء بتصريحات وزير العمل مؤخرا.
ونقل موقع "بغداد اليوم" عن عضو اللجنة النائب ياسر اسكندر قوله إن "الأنباء التي أوردتها وسائل إعلام عن اختفاء أكثر من 50 ألف باكستاني في العراق خلال السنوات الماضية بعضهم جاء في زيارة للعتبات المقدسة ومن ثم انخرطوا في سوق العمل، ستكون موضع اهتمام من قبلنا خلال الايام المقبلة".
وأضاف أن" العمالة الأجنبية غير القانونية مثيرة للقلق في ثلاثة اتجاهات أبرزها أنها مصدر للكثير من المشاكل وقد تستغل في أبعاد سلبية خاصة وأن هناك جرائم تنفذ من قبل العمالة الاجنبية ويتم اعتقالهم بين فترة واخرى ويظهر بأن وجودهم غير قانوني وهنا تكمن الخطورة بالإضافة إلى ما يسببه من تنافسية على فرص العمل للعراقيين".
وأشار اسكندر الى ان" ملف العمالة غير القانونية وتداعياته السلبية على الأمن بشكل عام سيطرح على جدول اعمال لجنة الأمن النيابية وبيان حقيقة الاعداد التي ذكرت بشأن اختفاء او تسرب 50 ألف باكستاني في العراق خلال السنوات الماضية".
ولاتزال أصداء قضية اختفاء 50 ألف باكستاني تصدح في الأوساط الشعبية والسياسية والحكومية في العراق بعد أن أثارها وزير الشؤون الدينية الباكستاني شودري سالك حسين.
وبينما تقول وزارة العمل إنها تحقق بالقضية، أصدرت دائرة الاقامة بيانا حاولت من خلاله نسف ادعاء المسؤول الباكستاني حيث أشارت إلى أن عدد الوافدين الباكستانيين إلى العراق منذ بداية العام الحالي بلغ 84251 فيما غادر 88427 باكستانيا البلاد.
لكن مختصين بالتحليل الرقمي قالوا إن هذا البيان لا ينفي امكانية تسرب 50 ألف باكستاني كما يقول المسؤول الباكستاني ذلك، فمن الممكن ان من بين الـ84 الف باكستاني وافد تسرب 50 ألف شخص منهم، بينما غادر 34 ألف منهم من الوافدين الجدد، فضلا عن مغادرة 54 الف اخرين من الوافدين القدامى المتواجدين في العراق خصوصا مع حملات الترحيل التي بدأت وزارة الداخلية ووزارة العمل تقودها في العراق خلال العام الحالي.
ويعني ذلك أن المغادرين ربما معظمهم من الوافدين السابقين والمنخرطين في سوق العمل بالفعل، بينما الـ50 الفا هم من الوافدين الجدد الذين تسربوا واختفوا لحين ترتيب أوضاعهم لزجهم في سوق العمل أو لأغراض اخرى.
وكشف وزير الشؤون الدينية الباكستاني، عن 50 ألف باكستاني فقدوا في العراق خلال تأدية الزيارات الدينية، دون تحديد الفترة التي اختفوا فيها. لكنه شدد على أنهم "اختفوا" للدلالةِ على عدم وجود أي أثرٍ لهم لدى الحكومةِ الباكستانية.
وقال حسين خلال اجتماع بمجلس الشيوخ الباكستاني إن الحكومة العراقية تُصدرُ تأشيراتٍ مجانية للزوار لكن منظمي الرحلات السياحية يتقاضون من ثمانين إلى تسعين دولارا عن الشخص الواحد.
وفي أول رد رسمي عراقي، قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية في بغداد، أحمد الأسدي، إنه "يجري التحقق لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة".
وأضاف الأسدي في بيان له، أن "العراق شهد توافد سياح من مختلف البلدان خلال الأيام الماضية ومن بينهم الباكستانيون، إلا أن العديد منهم بدأوا بالانخراط في سوق العمل دون التصاريح القانونية المطلوبة".
واعتبر أن هذه الظاهرة "تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني وتنافسية سوق العمل"، مؤكدا أن "الوزارة لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين".
وشدد على "أهمية التعاون بين الجهات المعنية لضمان تطبيق القوانين واللوائح الخاصة بالعمالة لمختلف الوافدين الأجانب للبلاد".
ويتوافد سنوياً، خلال شهر المحرم (وهو أول شهور السنة الهجرية)، الملايين من الزوار المسلمين الشيعة من العراق وخارجه إلى المراقد الدينية في النجف وكربلاء، وتقدر السلطات الأمنية في البلاد عددهم بنحو 20 مليون زائر، خمسة ملايين منهم من دول مختلفة.
وعادة ما تمنح السلطات العراقية لهؤلاء تسهيلات لدخول البلاد بتأشيرات دخول ميسرة
وفي تطور لاحق، أعلنت الشرطة العراقية، في مدن مختلفة، اعتقال العشرات من الباكستانيين، يبدو أنهم من الذين تسربوا خلال زيارتهم المراقد الدينية.
ووفقا لمصدر في الشرطة العراقية، فقد ألقي القبض على 33 باكستانيا لا يحملون سمات دخول رسمية داخل مرقد الشيخ عبدالقادر الجيلاني أو الكيلاني، وسط العاصمة بغداد.
وفي محافظة بابل، قال مصدر أمني محلي، إن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على 47 باكستانياً مخالفاً لشروط الإقامة، دون المزيد من التفاصيل.
وكانت مصادر أمنية قالت لمحطات إخبارية عراقية، الخميس، إن ستة باكستانيين اعتقلوا في منطقة الكريعات شرقي بغداد، مشيرة إلى أن "المعتقلين كانوا يقومون بعمليات تسليب في بغداد"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وقال المقدم في جهاز الشرطة العراقي، حاتم كريم، إن "قوات الشرطة تقوم بواجبها بعمليات التحقيق والتحري بحثا عن هؤلاء، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في عموم المحافظات".
وأضاف أن "تواجد هؤلاء في البلاد غير قانوني، وتترتب عليه مخاطر أمنية"، مشيرا الى أن "أي معتقل من هؤلاء ستتم إعادته لبلده". ولفت إلى بدء عملية مسح كبيرة للفنادق والمنازل المؤجرة، وفي الساحات التي كانت في وقت سابق مكان إيواء ومبيت، خاصة ببغداد ومحافظات جنوب البلاد.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عدّ ناشطون ومدونون عراقيون القضية تهديدا للأمن الداخلي، على اعتبار أنه لا يعرف مكان المختفين ولا مجال الأنشطة التي يقومون بها حاليا.
وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، على "إكس"، متسائلا: "كيف سيكون الوضع بعد اختفاء 50 ألف باكستاني خلال زيارة عاشوراء وتسربهم للعمل في السوق بصورة غير قانونية؟".
وعلقت الناشطة الحقوقية العراقية، حنان عبداللطيف، بسخرية على القبض على ستة باكستانيين، قائلة "تبقى الآن 49.994 باكستانيا"، مضيفة "على الأجهزة الأمنية (العراقية) البحث عنهم وإيجادهم على وجه السرعة".
وأضافت "هذه تبعات السماح لأصحاب هذه الجنسيات (الايرانية، الباكستانية، البنغالية، الافغانية) الدخول للعراق لأداء الطقوس الحسينية بدون الحصول على تأشيرة وضمان السكن واخذ بصمات اصابعهم. اضافة لاستنزاف ميزانية الدولة العراقية والبنى التحتية بتوفير كل شيء مجاناً بدءا من المنام إلى الأكل الى المواصلات الى استخدام دورات المياه والانترنت، يجري تعريض أمن العوائل العراقية الى خطر كبير باستقبال هؤلاء الاجانب دون تدقيق أمني".