تحمل تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بالإضافة إلى وزير الخارجية أيمن الصفدي، غضبا يشير إلى أن زيارة الصفدي قبل أسبوع إلى إيران لم تحقق أهدافها وأن المطالب الأردنية بتجنب استخدام أجوائه في الرد الإيراني المحتمل على إسرائيل لم تجد آذانا صاغية في طهران.
ودفع ذلك الأردنيين إلى ترك خطاب التودد والتهدئة الذي طبع زيارة الصفدي إلى طهران وتصعيد لهجتهم ضد إيران التي تصر على إقحام عمان في التوتر الإقليمي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ بدء الحرب في غزة، ما يعزز تكهنات أن تكون الولايات المتحدة قد قررت نشر مقاتلات أف 22 في الأردن.
ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي عن الملك عبدالله قوله خلال استقباله وفدا من مساعدي أعضاء الكونغرس الأميركي في قصر الحسينية بعمان، في اجتماع تناول “التطورات الراهنة بالمنطقة”، إن “الأردن لن يكون ساحة حرب، ولن يسمح بتعريض حياة شعبه للخطر”.
وأكد “ضرورة بذل أقصى الجهود لخفض التصعيد في المنطقة والتوصل إلى تهدئة شاملة، تجنبا للانزلاق نحو حرب إقليمية”.
توقعات تمركز مقاتلات أف 22 في الأردن تزايدت، باعتباره من الدول المعنية أكثر بمسار الهجمات الإيرانية المفترضة
ورأى العاهل الأردني أن “المنطقة ستبقى عرضة لتوسع دائرة الصراع الذي يهدد استقرارها، طالما الحرب على غزة مستمرة، ما يستدعي تكثيف الجهود الدولية لوقف الحرب من خلال التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار”.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مساء السبت في مقابلة مع قناة العربية إن “الأردن أبلغ إيران وإسرائيل بشكل واضح وصريح أنه لن يسمح لأحد بأن يخترق سماء المملكة ويعرض حياة الأردنيين للخطر”.
وأضاف أنه “سيتم إسقاط أي هدف في سماء الأردن، ولن يسمح الأردن باستخدام أجوائه، وسيتم التصدي لأي شيء يمر فوق أجواء الأردن نعتقد أنه خطر علينا وعلى الأردنيين”.
وتابع الصفدي أن “الأردن لن يكون ساحة حرب لأي طرف في اشتباكات هي أساسا فعل ورد فعل ما بين إيران وإسرائيل، حيث إنّ الاشتباكات بين الطرفين لن تنهي الاحتلال، ولن تحرر فلسطين، ولن تنهي الصراع، فكل ما ستفعله أنها ستزيد من التوتر والتصعيد والدمار في المنطقة”.
وزار الصفدي طهران الأحد الماضي ناقلا رسالة من الملك عبدالله الثاني. وقال في مؤتمر صحفي من طهران إن العاهل الأردني كلفه بأن “يلبي الدعوة إلى طهران لإجراء حديث أخوي واضح وصريح حول تجاوز الخلافات ما بين البلدين بصراحة وشفافية بما يحمي مصالح البلدين”، وهو ما اعتبر رسالة تودد لإيران.
وتتعزز المخاوف من تصعيد إقليمي، خصوصا بعدما توعّدت إيران بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في طهران بعملية نسبت إلى إسرائيل.
وأطلقت إيران في منتصف أبريل الماضي أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ على إسرائيل ردًا على ضربة استهدفت قنصليتها بدمشق، في هجوم مباشر غير مسبوق تم “إحباطه” وفقًا للجيش الإسرائيلي.
وأكد الأردن آنذاك أنه اعترض “أجساما طائرة” خرقت أجواءه تزامنا مع الهجوم الإيراني على إسرائيل، متعهّدا بالتصدي لأي تهديد “من أي جهة كانت”، وهو ما أثار غضب الإيرانيين الذين هددوا باستهداف انتقامي ضد الأردن.
وأعلنت الولايات المتحدة بعد مرور أيام على زيارة قام بها الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي (سنتكوم)، إلى المنطقة عن وصول عدد من مقاتلات أف 22 الشبحية المتطورة إلى المنطقة، ما يشير إلى احتمال تمركزها في الأردن على وجه الخصوص باعتباره جغرافيّا من بين الدول المعنية أكثر بمسار الهجمات الإيرانية المفترضة ولأن بقية دول المنطقة نأت بنفسها عن المشاركة في التصدي لأي هجوم تشنه إيران أو حلفاؤها على إسرائيل.
ويقول محللون إن نشر طائرات أف 22 يعني أن الأمر خطير وهناك احتمال لتفعيل حزم كبيرة من القوات في مواقع متعددة ومع الحلفاء، لافتين إلى أن الأميركيين يريدون استخدام هذه المقاتلات تحديدا بدلا من الاعتماد على مقاتلات أف 18 التي تطير من حاملات الطائرات في البحر المتوسط والتي ستكون مهمتها على الأرجح التصدي للصواريخ والمسيّرات القادمة من سوريا.
وفي خضم التخوف من التصعيد بين إيران وإسرائيل، برز توتر أميركي – إيراني في سوريا؛ فبعد مرور يومين على استهداف مسيّرات انتحارية لقاعدة أميركية بمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا، وهو ما أدى إلى إصابة جنود أميركيين، قتل الأحد خمسة مقاتلين من وحدات تابعة لإيران في ضربة جوية أصابت مركبة شرق سوريا قرب الحدود مع العراق، يرجح أن تكون الولايات المتحدة هي التي نفذتها.
وقال مصدر لرويترز إن الهجوم وقع بطائرة مسيرة لكن لم يتسن له تحديد الجيش الذي أطلقها، فيما قال مصدر آخر إن الهجوم استهدف المقاتلين في أثناء تبديل مناوباتهم عند نقطة تفتيش.
وتسيطر جماعات مسلحة متحالفة مع إيران على مساحات شاسعة من الحدود الشرقية بين سوريا والعراق. وخاضت تلك الجماعات معارك نيابة عن الجيش السوري طوال الحرب الأهلية في البلاد وتضم أيضا مسلحين عراقيين يسيطرون على الجانب العراقي من الحدود. وصارت الحدود حاليا مركزا للتهريب إذ يتم جلب الأسلحة من العراق إلى سوريا التي تتدفق منها سلع أخرى إلى العراق.