أثار دخول أكثر من ألفي إسرائيلي الثلاثاء باحات المسجد الأقصى يتقدمهم وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير حيث أدوا الصلوات بمناسبة ذكرى خراب الهيكل، جدلا بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمعارضة وسط موجة تنديدات فلسطينية وعربية، فيما وصفه مسؤول في الأوقاف الإسلامية بأنه "استفزازي".
وقال بن غفير إن إسرائيل "ستهزم حماس"، داعيا إلى عدم الذهاب إلى أي مفاوضات دعت اليها الدول الوسيطة في النزاع في الدوحة أو القاهرة.
والمسجد الأقصى هو في صلب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ويطلق عليه اليهود اسم "جبل الهيكل" ويعتبرونه أقدس الأماكن الدينية عندهم. وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الموقع الذي تتولّى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن.
وبموجب الوضع القائم بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في 1967، يمكن لغير المسلمين زيارة المسجد الاقصى في أوقات محدّدة بدون الصلاة، وهي قاعدة يخرقها أكثر فأكثر اليهود المتشدّدون.
ويعتبر الفلسطينيون ووزارة الأوقاف الأردنية زيارات اليهود القوميين الى المسجد الأقصى استفزازا لمشاعر المسلمين.
وذكرى خراب الهيكل التي توافق التاسع من آب، وفق التقويم العبري، هي يوم للصوم والحداد على تدمير هيكل سليمان أو الهيكل الأول.
وقال مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إن "2250 يهوديا متطرفا أدّوا الصلوات والرقصات الاستفزازية ورفعوا العلم الإسرائيلي خلال الاقتحامات".
وأشار الى أن الوزير "بن غفير بصفته وزيرا للأمن القومي أشرف على عمليات التهويد وساهم في تغيير الواقع داخل المسجد الأقصى بدلا من الحفاظ على المعاهدات الدولية".
وبحسب المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فرضت الشرطة الإسرائيلية "قيودا" على دخول المصلّين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، ولم تسمح إلا "لعدد قليل بالدخول".
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "ما حدث هذا الصباح في الحرم القدسي يشكّل استثناء للوضع القائم".
وقال في بيان "إن سياسة إسرائيل في ما يتعلق بالحرم القدسي لم تتغيّر، هكذا كانت وهكذا ستظل".
وشدّد على "عدم وجود أي سياسة خاصة لأي وزير على جبل الهيكل، ولا حتى لوزير الأمن الوطني".
وفي المقابل، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إن حملة بن غفير الانتخابية "داخل جبل الهيكل (المسجد الأقصى) وبخلاف موقف الأجهزة الأمنية، تعرض حياة مواطنينا وقواتنا للخطر".
وأضاف "مجموعة من المتطرفين غير المسؤولين في الحكومة يحاولون جر إسرائيل إلى حرب إقليمية شاملة وهؤلاء لا يمكنهم إدارة البلاد".
ودانت وزارة الخارجية الأردنية "اقتحام المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي".
واعتبرت الوزارة في بيان أن مشاركة وزيرين في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء من الكنيست في دخول باحة الأقصى "خرق فاضح للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها".
وأدانت وزارة الخارجة المصرية اقتحام وزيرين إسرائيليين وأعضاء في الكنيست ومئات المستوطنين باحات المسجد الأقصى وتؤكد أنه "خرق للقانون الدولي".
وحذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، من تداعيات الاستفزازات الخطيرة لاقتحامات المستعمرين الإرهابيين للمسجد الأقصى المبارك، محملا "حكومة الاحتلال مسؤولية هذه الممارسات وخطورتها في استفزاز مشاعر شعبنا والعرب والمسلمين".
وقال أبوردينة نطالب الإدارة الأميركية بالتدخل بشكل فوري لإجبار حكومة الاحتلال على وقف هذه الاستفزازات بحق الأماكن الدينية المقدسة، والحفاظ على الوضع التاريخيّ والقانوني في مدينة القدس، ووقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية إذا ما أرادت منع انفجار المنطقة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
وأشار إلى أن هذه الاستفزازات تأتي في إطار الحرب الشاملة التي تشنها حكومة الاحتلال المتطرفة بحق شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، مشددا على أن السلام والأمن في المنطقة بأسرها لن يتم دون حل عادل لقضيتنا وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية.
ومن جهتها، قالت حركة حماس إن "اقتحام الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير ويتسحاق غولدكنوبف لباحات المسجد الأقصى المبارك على رأس مجموعات من قطعان المستوطنين، إمعان في العدوان على شعبنا ومقدساته واستفزاز لمشاعر المسلمين".
وأضافت في بيان أن تكرار تزامن اقتحامات المستوطنين مع أعياد اليهود، وأداء صلوات تلمودية، ورفع الرايات في المسجد الأقصى، لن تفلح في تهويده أو فرض واقع جديد عليه والعبث في هويته العربية الإسلامية.
وأكد البيان أن سلوك حكومة "المتطرفين الصهاينة" وأعضائها مجرمي الحرب يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي لردعها ومحاسبتها.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها ما نشرته دائرة الأوقاف الإسلامية، بن غفير وهو يتجوّل في باحات المسجد الأقصى.
وفي مقطع فيديو مصوّر نشره عبر حسابه على منصة "إكس"، تعهّد بن غفير بـ"النصر".
وقال "يجب أن ننتصر في هذه المعركة، يجب أن ننتصر وألا نذهب إلى مباحثات في الدوحة أو القاهرة"، في إشارة إلى الدعوة الى مفاوضات نعقد في 15 أغسطس. وأضاف "يجب أن نهزم حماس، يجب أن نركعهم".
واندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 111 منهم في غزة، وتوفي 39 منهم، حسب الجيش الإسرائيلي.
وبلغت حصيلة الضحايا في القطاع منذ بدء الحرب 39929، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس.