بالسيرِ إلى غرب عدن باتجاه البريقة تبدو المدينة كرسمِ خيال أو فن إبداع فاتحة أذرعها لنا تحكي فنا هندسيا قديما هو الأندر من نوعهِ وكأنها أحُيكت بطراز حضري إذ حوت الحاضرَ والمستقبل واتخذت سكنها على بحر خليج عدن لتشدَ الناظرَ وتجذبُ الزائرَ وتسر الخاطر.
قادنا الشوقُ إلى قرية فقم الساحلية ليمتد بنا النظر إليها وكأنها جوهرة قذفها البحرُ يعتليها مبنى يتراءى لنا من بعيدِ فنقترب رويدا رويداً وإذ به معهد للتدريب المهني يستلقي في زاوية مقسية من تلك المنطقة النائية.
التدريب والتأهيل في مجال الاصطياد يشمل الذكور والإناث
ما أن دخلنا إلى المكان حتى أصابتنا الدهشة من فخامة المبنى فالمعهدُ مؤهل بكل مقومات التدريب وهو مختص بتدريب الصياد ليواكب مهنة الاصطياد ويعلم المرأة الساحلية الفنون الحرفية وكسب مهارات الصنعة وتعليم أبجدايات المهنة.
فهذا المعهدُ هدفه جلب المنافع لسكان الساحل وماجاورهم ليكتسب الجميع فنون ومهارات يتسطعون من خلالها توفير مصادر الدخل الكريم، في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة تمر بها البلاد بفعل الحرب، وما خلفته من تداعيات كارثية في مختلف المجالات، كما أنه يمثل بارقة أمل يهتدي على ضوئها المواطنون في منظقة نائية ووبعيدة عن الاهتمام والرعاية.
معهد فقم التابع لمكتب التعليم الفني والتدريب المهني عدن
لطالما كانت للمهنة والصنعة والحرفة أهمية ملِحة نظراً لحاجة الفرد والمجتمع إليها وسكان قرية فقم الساحلية يعيشون بمعزلِ عن المدن مما جعلهم متأخرين عن مواكبة العالم وتطوير الذات نظراً لبعد المسافة وصعوبة الوصول إلى حيث تكون مراكز العلوم والتقنيات، حيث وقفوا عاجزين ومعدمين وحائرين، فالخوف والفقر من خلفهم والبحر من أمامهم.
إذ لم يكن لهم إلا الخوض في معترك البحار لتوفير قوت المعيشة ومتطلبات الحياة فهو ملاذهم الآمن لينجوا من الهلاك والضياع، إذ ظل الهم يلاحقهم والحاجة تتابعهم وصعب عليهم توفير معدات الصيد ولوازم البحر وإحتياج الأصطياد، أما المرأة فاستبقيت حبيسة المنزل منكسرة الحال عاجزة أمام تطلعات المستقبل وتبعيات الحياة.
بداية الأمل جاء كقرار رئاسي
في ذات نهار من العام 2011م تسامع أهالي "فقم" عن خبر يحمل في طياته بشارات خير للمنطقة إذ كانت الأنباء تتحدث عن قرار رئاسي لفخامة المشير عبدربه منصور هادي لإنشاء معهد في"منطقة فقم الساحلية، حينها سارعت رئاسة الجمهورية وأعطت الأوامرَ لبناء معهد مهني وفني يواكب سكان ساحل فقم ويتطلع إلى تلبية إحتياجهم في توفير ما يعينهم على ثنوائب الدهر ويرفع عنهم العوز والحاجة الضرورية مما يجعلهم في عز وارتقاء، وتدافع سكان الساحل وماجاورهم من بنين وبنات ونساء ورجال لنيل منافع المعهد وانخرطوا في الدراسة والتعلم وإكتساب المهرات المختلفة، وقد شهد المعهد إقبالا كبيرا من قبل الدارسين الذين تتزايد أعدادهم نظراً للفائدةِ والمصلحة والخروج من الجهل والحرمان ومواكبة الواقع الجديد.
أقسام المعهد ومواكبتها للتطورات القتنية والفنية
في العام 2012 عاودت رئاسة الجمهورية مجدداً بتوسيع المعهد وقد كانت أوامر الرئيس أنذاك واضحة لتوسعة المعهد، وتطويره بما يتناسب مع الأقبال الكبير عليه، وبحيث يواكب كل التطورات الفنية والتقنية، ويوفر مختلف الأجهزة والمعدات والقاعات وخلاف ذلك من المتطلبات التعليمية وقد تكون المعهد من ثلاثة مباني، تتوزع في قاعات وفصول وإدارة المعهد وورش وقاعات عرض وساحات إستراحة."