بصفتي صاحب مفرش لبيع الخضار والفواكه في مدينة عدن، أعيش يوميًا في تفاعل مباشر مع جميع فئات المجتمع. كل يوم أرى وجوهًا مختلفة، وأسمع قصصًا محزنة من الأسر التي تئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد. بمرور الوقت، تغيرت عادات الناس في الشراء، وأصبح من كان يشتري بقيمة خمسة آلاف ريال بالكاد يستطيع اليوم شراء ما لا يتجاوز الألف ريال.
الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها اليوم بسبب تدهور صرف العملة الوطنية وانقطاع الرواتب، بالإضافة إلى غلاء الأسعار الذي أرهق الجميع، تركت أثرًا عميقًا على المجتمع. أصبحت الأسر، حتى تلك التي كانت تُعد ميسورة الحال في السابق، غير قادرة على تلبية احتياجاتها اليومية الأساسية.
هناك أسر تأتي إليّ تبحث عن الخضار التالف لتقتات منه، تجاهد بكل الطرق الممكنة لتأمين لقمة العيش. أحيانًا، أرى بعضهم يتحدث بهمس وبصوت خافت وكأنهم يخجلون من طلبهم، وأحيانًا أخرى يكونون على حافة البكاء بسبب العجز والفقر الذي فرضه عليهم الواقع الجديد. بعض الأسر لا تملك سوى دموعها، بينما يختار البعض الآخر أن يعبر عن غضبه بوجهي وكأنني مسؤول عن هذا الوضع، رغم أنني بدوري أعاني.
أعيش يومي بين الكمد والحسرة. أحيانًا أشعر بالعجز أمام طلبات الناس وحاجاتهم. هناك لحظات أرغب في تقديم المساعدة لكن لا أستطيع؛ فقوة الأزمة جعلت الجميع فقراء. باتت الحياة معركة يومية، ليس فقط للعيش، بل لمجرد البقاء على قيد الحياة.
ما يثقل قلبي حقًا هو رؤيتي لمعاناة الناس يومًا بعد يوم، دون أن يكون هناك تحسن في الأفق. أحيانًا أكون شاهدًا على انكسارهم، وأحيانًا أكون مستمعًا لشكواهم. وبين كل تلك اللحظات، يظل التحدي الأكبر هو كيف يمكنني الاستمرار في العمل والتعامل مع هذا الكم الهائل من الألم حولي.
إن هذه الظروف القاسية تُظهر لي كل يوم حجم المعاناة التي يعيشها المجتمع، وهي تضعني أمام تساؤلات لا تنتهي: كيف يمكننا تجاوز هذا الوضع؟ كيف يمكنني كمواطن بسيط وكصاحب مفرش أن أساعد.