تعيش مليشيات الحوثي مرحلة حرجة من الضعف والتدهور، حيث باتت تعاني من تآكل شرعيتها الشعبية وانكشاف عجزها أمام المواطنين الذين أرهقهم استبدادها ووعودها الكاذبة، ومع تطورات المشهد الإقليمي والدولي، تجد هذه الجماعة نفسها في مواجهة واقع جديد يهدد وجودها، خصوصًا مع توجه التحالفات الدولية نحو تحجيم أذرع إيران في المنطقة – إن لم يكن اجتثاثها – بدءًا من لبنان وسوريا، وصولًا إلى اليمن؛ إذ يمثل الحوثيون آخر "حصن" هش للمشروع الإيراني.
تحاول مليشيات الحوثي إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر سلسلة من الاجتماعات المكثفة مع المواطنين، خصوصًا أولئك القاطنين في المناطق القريبة من خطوط التماس للدفع بهم نحو الموت؛ إذ تعدهم خلال هذه اللقاءات بتوفير الخدمات وتحسين الأوضاع المعيشية، زاعمة أن ذلك يمثل أولوية قصوى في سياساتها. ولكن الواقع يكشف زيف هذه الادعاءات؛ فقد فشلت الجماعة طوال سنوات سطوتها في الوفاء بأي من تلك الوعود، عدا إنهاك المواطنين بالجبايات وفرض الإتاوات وغيرها من أساليب النهب.
بالتوازي مع هذه الوعود، تفرض المليشيات على المواطنين المشاركة في القتال إلى جانب عناصرها في الجبهات، في معادلة عبثية تتلخص في: "موتوا لنكرمكم بالخدمات!" هذه السياسة التي استهلكتها الجماعة جعلت المواطنين يزدادون رفضًا لها وسخطًا على حكمها.
تدرك المليشيات الحوثية جيدًا أن السخط الشعبي في مناطق سيطرتها يتزايد يومًا بعد يوم... مئات الرسائل التي تصل من مواطنين في هذه المناطق تعكس هذا الواقع، حيث ينتظرون اللحظة المناسبة للتحرك والانقضاض على هذا الكيان السلالي، وهذه الرسائل ليست مجرد إشارات عابرة، بل دليل واضح على أن المواطن في هذه المناطق بات يرى في سقوط الحوثيين السبيل الوحيد لاستعادة كرامته وحقوقه المصادرة والمسلوبة
ومع ازدياد التذمر الداخلي، تواجه الجماعة تحديًا آخر يتمثل في تضييق الخناق عليها من المجتمع الدولي؛ فبعد أن فقد الحوثيون أي رصيد سياسي أو عسكري يمكنهم من البقاء، باتوا كـ"الورقة المحروقة"، تمامًا كما حدث مع نظام بشار الأسد، الذي رغم استمراره في الحكم، أصبح فاقدًا لأي تأثير حقيقي أو شرعية دولية حتى استسلم للانهيار.
التحركات الدولية والإقليمية تشير إلى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت غير سارة ولا متوقعة للحوثيين؛ ستأتي ضربات حاسمة من جهات ومناطق لا تتوقعها الجماعة، وسيكون سقوطها أسرع مما يتصور كثيرون؛ فالمجتمع الدولي – بعد أن أدرك عبثية بقاء هذه المليشيات كأداة للمشروع الإيراني – يعمل بجدية على إنهاء وجودها كجزء من استراتيجية أوسع لتحجيم نفوذ إيران في المنطقة، والتي يبدو أنها هي الأخرى استسلمت وتخلت تمامًا عن دعم أذرعها وتركتهم ليواجهوا مصيرهم.
ختامًا، في ظل هذه المعطيات، بات سقوط الحوثيين مسألة وقت لا أكثر، وهذا السقوط لن يكون نتيجة لضغوط عسكرية خارجية فحسب، بل بسبب انهيار الداخل الذي تعب من استبدادهم وكذبهم. ومع انطلاق أول شرارة للمعركة الكبرى، ستسقط هذه الجماعة السلالية كما سقط غيرها من الأنظمة التي استبدت الشعوب؛ فالمستقبل القريب يحمل الكثير، والأيام القادمة قد تكون حاسمة في طي صفحة الحوثيين إلى الأبد.
- الصورة لاجتماع القيادي الحوثي المدعو اللواء عبد اللطيف المهدي قائد المنطقة العسكرية الرابعة للحوثيين، بعد ظهر اليوم بالمواطنين في إحدى مناطق مديرية دمت الحدودية المتاخمة لمناطق مُريس.