استطاعت قوى الشمال المنقسمة على ضفتي الصراع سواء التي في خندق الحوثي، أو المدثرة برداء الشرعية، أن تدير مصالح أبناء المحافظات الشمالية على مستوى التمثيل الوظيفي للجهاز الإداري للدولة في الداخل، أو السلك الدبلوماسي في الخارج ، فالطاقم الوظيفي للسفارات اليمنية شمالي، والطلاب الذين تبتعثهم وزارة التعليم العالي في حكومة الشرعية -التي مقرها عدن- 99٪ من المحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثي.
فعلى سبيل المثال تقدم المملكة المغربية الشقيقة -مشكورة - لليمن سنويًا مئة منحة دراسية بكلاريوس- ماجستير- دكتوراه؛ نسبة الطلاب الجنوبيين لا يساوي حصة محافظة ناشئة مثل عمران، لعدم وجود التوازن الوظيفي في سفارة اليمن في المغرب، فالسفير شمالي من تعز، وأعضاء السلك الدبلوماسي كلهم شماليون جلهم من محافظة تعز، مضى على تعيين السفير عزالدين الأصبحي في هذا المنصب أكثر من ثلاث عشر عامًا في حين أن المدة القانونية أربع سنوات فقط ، والطامة الكبرى إن السفير هو من يجدد فترة أعضاء السلك الدبلوماسي ؛مما حوَّل السفارة إلى إمبراطورية خاصة بالأصبحي؛ فهو صاحب السلطة المطلقة في السفارة؛ يدير كل مهام السفارة ما يقع ضمن اختصاصه، وما ليس ضمن اختصاصه، فيتدخل في كل شاردة وواردة آخرها إيقاف صرف مستحقات ستة طلاب جنوبيين مضى لهم أكثر من ثمانية أشهر في بلد الإبتعاث لم يستلموا دولارًا واحدًا ،وحين أرسلت وزارة التعليم العالي بأسمائهم ضمن كشوفات الصرف معززة بالمبالغ المالية الخاصة بهم، وجَّه السفير المحاسب المالي بإيقاف صرفها علمًا أن المحاسب المالي للسفارة بدرجة مستشار، ويشغل هذه الوظيفة منذ أكثر من عشر سنوات؛ لم يطاله التدوير مثله مثل كل أعضاء سلك السفارة من السفير حتى أبسط موظف في السفارة، فمن يُعيِّن، ومن يعزل هو السفير الأصبحي وليس وزارة الخارجية،فالسفير من تعز،والملحق الثقافي من تعز،والمسؤول المالي من تعز، الجنوبي الوحيد الذي كان في السفارة الكابتن حسين صالح -رحمه الله - حلَّ محله شمالي بعد موته لتصبح السفارة شمالية خالصة !
عمل السفارة شبة مشلول، فالسفير لايقابل أحدًا، والملحقية الثقافية تتعامل بعنصرية مقيتة مع الجنوبيين الذين لايتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة في كل جامعة من جامعات المملكة المغربية - حرسها الله وعمّرها بالأمن والإيمان - .
مما يضعنا أمام متوالية من التساؤلات الغريبة؛ يتصدرها سؤال أكثر غرابة هل سفارة اليمن في المغرب لليمنيين جميعًا أم للشماليين فقط؟ هل مهمة الملحقية الثقافية تذليل الصعوبات للطلاب اليمنيين أم مكتب معارضة سياسية في الخارج ضد الطلاب الجنوبيين ؟
هل من واجبها متابعة مستحقات الطلاب أم الاعتراض على صرفها ؟
لقد أصبح لزامًا على رئيس مجلس القيادة الرئاسي - الذي هو أيضًا من تعز - و الحكومة الشرعية ممثلة برئاسة الوزراء، ووزارتي الخارجية والتعليم العالي ووزير الأخيرة من تعز أيضًا إعادة النظر في هيكل السفارة،ومراقبة أدائها،بما يجعلها سفارة لخدمة كل اليمنيين،وليس سفارة للشماليين فقط .
عضو هيئة التدريس بجامعة أبين
2024/4/4م