ليندر كينج مبعوث الإدارة الإمريكية، يقف في موقع الناصح الأمين للحوثيين، يدعوهم إلى الحرص على المكاسب التي حققوها، منبهاً إياهم إلى أهمية الحفاظ على الإنجازات السياسية بانفتاح مجلس الأمن والمجتمع الدولي عليهم، ويحذر بمنتهى اللطف وبعيداً عن لغة الردع من مخاطر العودة إلى مربع مهاجمة خطوط الملاحة.
المستر ليندر في حديثه لصحيفة “ناشيونال” الإماراتية، يربت على كتف الحوثي ويسميه شريك تسوية، ويسقط أي خيار محتمل خارج المسار السياسي التفاوضي، بمعنى أن الغطرسة العسكرية الحوثية وتهديد الأمن والسلم الدوليين، لن تقابله واشنطن بعنف مضاد، وأن الحوثي مهما تمرد وهدّد المصالح الدولية، سيظل مقعده محجوزاً على طاولة التفاوض.
لا أحد ضد خيار مغادرة جحيم الحرب، ووقف هذه المطحنة التي هرست عظام نصف مليون قتيل، وضعفهم من الجرحى، دمرت البنية التحتية وقذفت بالجميع إلى ما دون خط الفقر، ومع ذلك فإن سؤال الحل يكمن في ماهية هذا السلام، الذي يكرس الحوثي بكل دمويته وعنصريته حاكماً لليمن، وأن الشراكة ليست أكثر من عملية تجميلية لإضفاء الصبغة الوطنية على الحل، في ما الحقيقة أن حل وسط كل هذا الاختلال في ميزان القوى، لغير صالح الأطراف المناهضة للحوثي، يمنح سلطة صنعاء كل شيء ويبقي للشرعية الفتات.
ما يقدمه المستر ليندر وتتشارك معه السعودية ودول الخليج وروسيا، هو حل الممكن المتاح، حيث من يملك قوة تهديد مصالح الجوار والعالم، هو من يمكنه توفير الحماية لتلك المصالح، لا الضعفاء الخارجين من المشهد والمصادرين لمفاعيل القوة واستقلالية القرار.
ما يبشر به كينج ولغته المتسامحة مع الحوثي، وتعمل عليه السعودية في السر والجهر، هو صفقة تبادل منافع لا حل عادل ومتوازن مستدام، صفقة تكرس الحوثي حاكماً لكل اليمن، وتجهز على آخر ممانعة حقيقية له باستنزاف متفق عليه القوة الجنوبية، بحروب داخل جغرافيتها، وبطبخات توافقية تحول الجنوب من قضية سياسية، إلى مجرد مظلمة اعتيادية، تتماهى مع آلاف المظالم، وتحتل قاع هامش جدول أعمال التسوية، وهي آخر ما تبقى من أدوات قوة الصد الموازية.
من صفحة الكاتب على إكس