ان انتشار الفساد في مؤسسات الدولة مازال مستمراً بمختلف أنواعه داخل الوزارات ومؤسسات الدولة كافة
وان آفة الفساد تشكل خطرا كبيرا في نهب المال العام، ورغم كل الوعود الحكومية بالحد من هذا الفساد إلا أن عدم تفعيل دور الأجهزة الرقابية يعيق بناء مؤسسات الدولة بالشكل الصحيح بسبب سوء إدارتها ، فأصبح المسؤول يتصرف كما يشاء بإيرادات الدولة واستخدام منصبه في إضعاف أداء المؤسسات ، فكم من المال العام هدر ونُهب وهذا اوصل الحال اليوم بأن المؤسسات عاجزة عن القيام بواجبها ودورها الحقيقي .
يبقى محاربة الفساد من مصادره امر مازال بعيدا، وأصبح المسؤول اليوم لا يقوم بمهامه وإنجاز ما كلف به من أعمال، تجده يجتهد في التحايل على القوانين الموجبة للعقوبات أكثر مما يقوم بدوره المناط أمام المواطن .
لا معنى لأي حديث عن محاربة الفساد دون سن قوانين وتدابير ناجعة يتم بموجبها متابعة مصادر الإيرادات ومساراتها، وأوجه صرفها وتشغيلها، وطرق إخفائها عن الأعين والمؤسسات ، ولا معنى لأي تقارير رقابية مهما بلغت جديتها في غياب الفضاء المناسب لتصريفها، وستبقى مجرد تلويحات جزافية تصيب طرفا دون آخر وتضبط البعض وتفلت آخرين ، فلا قيمة لأي حديث عن محاربة الفساد دون انخراط الجميع، ودون اقتناع كل الهيئات والذوات والأطراف بأن الأمر يتعلق بالمصلحة العليا للوطن .
اذا يبقى للحديث عن محاربة الفساد بمعناه الواضح حين تتمكن الهيئات الرقابية من القيام بمهامها بشكل شفاف وبلا عراقيل، وحين تتحول متابعات المسؤولين المخلين بواجباتهم والمختلسين للمال العام إلى حدث عادي يتم تداوله كخبر ضمن باقي الأخبار في القنوات ومواقع التواصل الاجتماعي، ويطلع المواطنون على مجرياته بلا حاجة إلى بهرجة ولا تهويل..
ستكون لمحاربة الفساد قيمته الرمزية والفعلية حين يتم الترحيب بالهيئات الرقابية المخولة للقيام بحماية مدخرات البلد، بدل التوجس منها وتجنب ملاقاتها والتهيب من تقاريرها.
وفي غياب هذه الشفافية يتحول أمر الفساد إلى ما يشبه ، السراديب التي تخفي أكثر مما تظهر، وتتحول محاربته إلى ما يشبه مجابهة طواحين الهواء، لا تدري بالضبط ماذا تحارب وفي أية جهة يوجد الهدف المقصود لمواجهة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة بشكل مستمر ودائم. حينئذ يمكننا الحديث عن محاربة الفساد.