حين خانت القيادات الأمانة الوطنية..!

في لحظة مفصلية من تاريخ اليمن، ومع استمرار الحرب وتفاقم معاناة المواطنين، كانت الفرصة مواتية أمام قيادات الشرعية لإثبات وطنيتها، واستثمار الدعم الكبير الذي قدمته المملكة العربية السعودية لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها.
لكن المؤسف أن بعض تلك القيادات أهدرت هذه الفرصة، وانشغلت في صراعات المصالح الشخصية، متجاهلة حجم المسؤولية الوطنية والأخلاقية الملقاة على عاتقها. فبدلًا من بناء علاقات استراتيجية تصب في مصلحة اليمن، انصرف كثير منهم نحو تعزيز نفوذهم الخاص، وتكديس المكاسب على حساب الوطن.
لم تبخل المملكة العربية السعودية، منذ اندلاع الأزمة، في تقديم الدعم السياسي والمالي واللوجستي للشرعية اليمنية، انطلاقا من موقفها الثابت في دعم اليمن واستقراره. إلا أن سوء إدارة هذا الدعم، وتوظيفه في غير موضعه، شكل خيبة أمل كبيرة لدى الأشقاء في المملكة، ولدى اليمنيين على حد سواء.
حيث أن التقارير متعددة رسمية وغير رسمية، تؤكد أن جزءا من الدعم المالي تم توجيهه نحو شراء عقارات في الخارج، خصوصا في القاهرة وتركيا والأردن، في وقت كانت الجبهات بحاجة إلى التمويل، والوزارات والمؤسسات الشرعية تعاني من الشلل والتفكك.
الخطير في الأمر ليس فقط سوء استخدام الموارد، بل الاعتقاد الساذج لدى بعض القيادات بأن تحركاتهم خارج دائرة الرصد، وكأن الأجهزة المعنية في المملكة لا تتابع ولا تقيم. هذا النمط من التفكير يكشف عن انقطاع تام عن الواقع، وفقدان بوصلة المسؤولية الوطنية.
ما يحدث اليوم يستدعي وقفة جادة، ليس فقط من المملكة الداعمة، بل من كل القوى الوطنية الصادقة، لإعادة تقييم المشهد، وتصحيح المسار، وتمكين الكفاءات القادرة على تحمل المسؤولية بعيدا عن منطق المحاصصة والمصالح الضيقة.
لقد خذلت بعض القيادات اليمن، وأهدرت فرصا ثمينة كان يمكن أن تضع البلاد على طريق التعافي. واليوم، بات واضحا أن استمرار الوضع كما هو عليه سيؤدي إلى مزيد من التراجع، ويقوض كل الآمال التي عقدت على استعادة الدولة.
إن الشعب اليمني لن ينسى من وقف إلى جانبه، ولن يغفر لمن تاجر بمعاناته. والتاريخ، كعادته، سيحكم بالعدل، وإن تأخر قليلاً.